يا بلدنا يا جميلة، فيكى حاجة واحدة فقط محيرانى! أى نعم.. محيرااانى! شوارعك الجديدة واسعة ومصروف عليها ومنظمة وعلى المستوى العالمى، لكن السائق مُصر إصرارا عجيبا أن يسير "عكس إعكاس" اليمين شمال والشمال يمين!
فجأة وأنا على الطريق السريع فى الساحل، وجدتنى أغنى ليه ليه ليه شمالك يمين ويمينك شمال، بمنتهى الهدوء والبساطة والأريحية، تأخذ السيارات الحارة التى على اليسار، والتى من المفترض أخذ السرعة القصوى فيها حسب ما يحده الرادار، أما الحارة التى على اليمين فيضطر فيها السائق القيادة بسرعة جنونية وكأنه ينتقم من حقه المسلوب في الحارة اليسارية!
ويا سلام سلم لو هناك وبالطبع هذا موجود، حارة وسط أيضا يمارس فيها السائقين القيادة بهدوء يعل تعاطفا مع سائق اليسارى الذى يمارس الدستور الليبرالى اليمينى فى حارة اليسار.
وجدتنى أغنى بصوت عال أزعج صديقاتى فى السيارة وأنا أردد بموسيقى مصاحبة كموسيقى الجاز وأنا أقول:
ليه ليه ليه يمينك يسارك ويسارك يمينك، ظنت صديقات الساحل وأنا أقود سيارتى الفارهة أم موتور مفوت، إننى أتحدث فى السياسة.
وإذا بهن يسكتن حسى مؤكدين أنهن لا يردن التحدث لا فى الليبرالية بالمهلبية، ولا فى اليسار المشترك والمشتبك دوما مع اليمين الديمقراطى المنبعج من الأمان يالا لالى أمان.
ولأننى قررت أن أشرح لهم وجهة نظرى عمليا وتأكيدا أننى لست من هواة السياسة والحديث عن مهلبية "الديمو".. الديمقراطية، ولا أعتنق "الياسو سوسو" برغم قربه اقتصاديا من العدالة الاقتصادية.
قررت مطاردة بكل أنواع أصوات الاعتراض من الكلاكسات إلى الفرملة السيئة السمعة، كل من يأخذ الحارة الشمال ويسير ببطء، بحثا عن الدوران للخلف أو الدوران العكسى، أو أيا كانت الأسباب لأننا فى طريق الهاى واى.
ويا ليتنى ما فعلت، فقد ارتكبت السيدة التى أخذت يسارها وبدأت تهدئ الخطاوى حتى كادت تقف!
وعرفت بعدها أنها تحتمى بالسور واليسار بعيدا عن جنون السرعة فى الساحل، برغم أنف الرادات والمخالفات السريعة أو المؤجلة، صعب علىّ حالها وفكرت وقدحت زناد فكرى وجدت أن لها منطق، ويا شارعنا يا مفرحنا، فيك حاجة محيرانى، ليه شمالك يمينك ويمينك شمالك؟!
