قرأت وتابعت ولم أفاجأ بحادثة انقلاب ميكروباص مدرسة اللغات على الدائر، وأن السبب هو اختلال عجلة القيادة فى يد البيه السائق!!
لقد تابعت على مدى الأربعين عاما ظاهرة تهور قيادة الميكروباصات فى شوارعنا التى فشلت معها جهود الكاميرات والعدسات وهو يقود الميكروباص وكأنه يقود طائرة .
أصبحت ظاهرة القيادة الميكروباصية وغير الميكروباصية، ظاهرة انتحارية تهدد الركاب أولا، والمارة ثانية، والمارة على الرصيف ثالثا! ثم من حوله من عربات ووسائل نقل أخرى.
كنت قد اعتزلت ركوب الميكروباص منذ فترة وأعيش على الذكرى، وفى آخر ذكرياتى، تسلط على قائد الميكروباص ستين عفريت بسبب اختناقات الزحام وقرر فجأة الصعود على رصيف الكوبرى ويده فوق زمارة "الكركوبة" المسماة بالباص التى تشبه ثلاجة الموتى، ليفزع كل المشاة ويتخطى حدوده، وكلنا على أمل أن ترصده الكاميرات، لكن يبدو أنه ظن أن كاميرات المراقبة لا تلتقط إلا مركبات الشارع، وها هو يبعد عنه بكل بساطة ويقرر اتخاذ الرصيف الغلبان بمن يسيرون عليه حارة رابعة للمرور، وظل الحال على ما هو عليه، حتى وصل غير مأسوف على شبابه لنهاية الرصيف، وهنا كانت الواقعة المبرى بعد أن واجه السائق المجنون النهاية، وأنه عليه أن يهبط من على رصيف علوه نصف متر.
أما ما حدث، فقد كان دربا من الخيال، وهو يضع كل الركاب تحت رحمته ليساعدوا العربة على الهبوط فارغة من فوق الرصيف محمولة على أكتافهم.
لم تسعفنى الكلمات وأنا أحاول تهدئة سائق يحلف ميت حلفان أنه سيلاحق "المودام" أو الهانم التىكسرت عليه وسبقته غير عابئ بصرخات الركاب التى خلطت مثل الطماطم فىالخلاط وهو يكاد يقفز فوق كل من فى الشارع ليصل لرقبة "المودام" التى كسرت عليه وتخطته بأقصى سرعة، وبالفعل تم اللحاق بها لتأخذ - من وجهة نظره - درس عمرها وهو يطيح بالرفرف الغالى الذى سيكلفها من وجهة نظره شىء وشويات!
والآن بعد أن اعتزلت ركوب الميكروباص، ومن قبلها عربتى الفارهة، ومن بعدها الأتوبيس الكبير بذكرياته السردينية فى السبعينيات والستينيات، عندما نجد الكتلة البشرية المتحجرة تغطى ككتلة لحمي هيكل الأتوبيس العام بلونه الأحمر ثم الأزرق.
لا أجد أمامى إلا فكرة "التوك توك" أسير به لأقرب محطة مترو أنفاق لأنطلق تحت الزرض إلى مشارقها ومغاربها.
ومين ما يحبش المترو فوق الأرض أو تحت الأرض وفى انتظار المعلق.
إن أفضل عقاب من الركاب لقائدى المايكروباص، هو التعامل مع قضبان السكة الحديد فى شكل مترو أنفاق أو معلق.. أو.. أو.... لكن لا يزال السؤال مطروحا:
كيف الوصول إليك يا هدف مشوارى دون خسائر بدنية أو نفسية أو وطنية.. كيف.