Close ad
الأتوبيس والشعر الأبيض!

دينا ريان, 17 اكتوبر 2021

نظرت للمرآة وجدتنى أشبه تماما أصحاب الوجوه من حملة تاج الشعر الأبيض، جلست راضية عن نفسى وقررت الاحتفال بوجودى فى هذا النادى الدولى، وتلك المرحلة العمرية التى لم أشعر بها متى وأين وكيف جاءت؟ بهذه السرعة، فعلى رأى محمد منير "إمبارح كان عمرى عشرين" لملمت أشيائى فى حقيبتى الكبيرة وراجعت على مفرداتها، زجاجة المياه وزجاة الكحل والمناديل المطهرة، وبسكوتة صغيرة مع تمر فى حالة هبوط السكر المفاجئ، وعلبة بها زيتون أخضر وقطعة طرشى فى حالة هبوط الضغط المفاجئ، بضعة بطاقات ما بين بطاقة الرقم القومى ورخصة القيادة وبطاقة المعاشات، وهبطت درجات السلم بحذر، وقبل أن أتجه إلى عربتى، فوجئت بمحطة أتوبيس جديدة مكتوب عليها خاص بكبار السن، بها مظلة وتحتها مقاعد خشبية نظيفة ولم أفكر، تركت عربتى واتجهت إلى تلك المحطة الغريبة، وقبل أن أجلس فوجئت بميكروباص نظيف لونه وردى! يقف لى مكتوب عليه كبار السن!!

ابتسم لى السائق صاحب الشعر الأبيض يرتدى قبعة وماسك وفتح لى الباب لأجلس مع مجموعة من الكبار ويمر الكمسارى يسألنى عن وجهتى لأن تلك العربة لها اتجاه واحد يخرجنا إلى حدود حى مصر الجديدة، لنتوجه إذا أردنا كل حسب مشواره، وقبل أن أخرج نقودا للتذكرة، وجدته يبتسم قائلا: يكفينى رؤية كارنيه المعاش، فالركوب بالمجان!

كنا مجموعات من البشر  الوقار هيئته ، بما فيهما السائق والكمسارى، وعلمت ان العاملين فى تلك الخطوط من المعاشات.

يعنى الحكاية كلها فى بيتها، لم أشعر بسعادة يوما منذ أن وطأت قدماى أعتاب المعاش، مثلما شعرت بها فى ذلك الأتوبيس، لم أحتاج للمطهر بداخل حقيبتى، فقد كان هناك واحد فى ظهر كل مقعد وبجانبه زجاجة مياه! وعلبة مناديل وإسعافات أولية.

أكيد أنا فى حلم!!

فأنا لم أر ما أراه فى أى بلد متقدم فى العالم. ولم يكن أمامى وسيلة إلا أن أقرص نفسى من خدى حتى أتبين الحق من الحلم، وعند أول إشارة مرور حمراء فعلتها، ولم أستيقظ الحمد لله، أنا لست فى حلم، حتى جاءنى صوت ابنى الشاب "الجاهورى" ضاحكا وهو يقول: كل يوم تنامى أمام التليفزيون يا ماما، ما تقومى تنامى على سريرك!! نظرت له شذرا وأنا أكاد أمسك فى زمارة رقبته، لأنه أيقذنى من أجمل حلم وأنا أمارس حقى كمواطن سوبر بعد الـ60... اللهم تقبل دعائى بتحقيق أحلام الطفولة المنزوعة.

اخبار جوجل تابعوا صفحتنا على أخبار جوجل

الاخبار المقترحة

الاخبار الرئيسية

مقال رئيس التحرير

الأكثر قراءة