شهدت وأنا أخطو وأتمخطر فى شارع الثورة بعربتى المرحة الفرحة باتساع الشوارع وركوبها الكبارى التى كانت محرومة منه فيما مضى من عمرها المديد، تشعر كأنها فى دنيا تانية
شعرت وكأننى أسبح وسط السحاب، قلت لنفسى يبدو أن "دى كمالة" الحلم حتى ترسم السعادة وتبرز لكن.. يا فرحة ما تمت
زاد السحاب واغمق وبدأ يتلون بلون النيلة ثم الهباب، ثم انعدام الرؤية، "وهباااه" فجأة وجدتنى أصطدم بمؤخرة ميكروباص الثلاجة، أو هكذا تعودت إطلاق هذا الاسم عليه لأنه يشبه اختراع الثلاجة الأمريكية فى الخمسينيات من القرن الماضى.
وكأنهم أتوا بموتور وقفله بالصاج وأعطوا لوحات مرور، وقالوا عليه ميكروباص، وسير على بركة الله، فشر نورماندى2
أفقت من الصدمة والبيه السواق ينزل طويل عريض يشبه الخالق الناطق ميكروباصه الذى تسبب فى الحادثة نتيجة انبعاث دخان العادم منه
فتش علىَّ كثيرا ولا أنكر أنه اجتهد فى البحث عنى وسط سحابة دخان عادم ميكروباصه المفوت وموتوره الذى يحتاج إلى موتور حتى وجدنى أخيرا وأنا أحاول خلع كمامتى التى زودت على شعوره بالاختناق.
وإذا به يزعق فى وجهى وهو يقسم علىَّ ألا أخلع كمامتى، وهو يحمد الله على التزامى، لأنه لولا الكمامة لكان زمانى بالسلامة
بصراحة لم أحتاج إلى تعنيفه، فقد قام المارة وأصحاب العربات من حولى حتى زملائه من أصدقائى من سائقى الميكروباص، قاموا بعمل اللازم وهو يصرخ مستنجدا بى، أنه غير مسئول عن حالة العادم، وتلك السحابة السوداء التى أشاعت الرعب فى الشارع النظيف، وأن مالك الميكروباص هو السبب، لكن بدون فائدة ، وكأن المواطنين من الركاب وغيرهم لم يعد التهاون فى حق التطور والإنجازات والنظام من حوله مسموح به.
وقبل أن يأتى من يتولى تجريم هذا الميكروباص ومالكه وسائقه، كانت جموع السابحين معى داخل السحابة الميكروباصية يقترحون عمل رادار لضبط العربات "المفوتة"، ورادار لضبط كل من يخالف إجراءات السلامة والأمان، ورادار آخر فوق كل تلك الرادارات للضمير