في المقالة السابقة وتحت عنوان (تطوير استراتيجية انتشار السيارات الكهربائية في ظل التحديات الأخيرة) استعرضنا مع حضراتكم باختصار شديد أهم التحديات التي تواجه صناعة وانتشار السيارات الكهربائية، وكيف يمكن الحد من أثارها السلبية من خلال تطوير وتنفيذ استراتيجية مكونة من سبع اتجاهات رئيسية يمكن أن تعيد تشكيل مستقبل هذه الصناعة.
وكان من أهم بنود هذه الاستراتيجية تطوير أنظمة الشحن المختلفة خاصة في المنازل توفيرا للوقت والتكاليف. فطبقا لخطط الإنتاج لشركات تصنيع هذه السيارات، فإنه يمكن أن نرى أكثر من 50 مليون سيارة كهربائية في الطرق حول العالم خلال السنوات الخمس المقبلة. لذلك يعد تحديث البنية التحتية للشحن أمرًا أساسيًا لتوسيع نطاق هذه الصناعة.
لقد تمت الدراسات المختلفة التي سيتم عرض نتائجها في هذا المقال في أسواق السيارات الرئيسية في العالم وهي (الصين والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية). وهنا قد يتساءل بعض القراء الكرام عن علاقة السوق المصري بهذه الأسواق ومدى الاستفادة من نتائج هذه الدراسات لدينا؟ وهنا نجيب على هذا السؤال المهم كالآتي:
- أن البيانات والإحصاءات المطلوبة لهذا النوع من الدراسات تتوفر بدقة عالية في هذه الأسواق.
- أن هذه الأسواق هي المحرك الرئيسي لصناعة السيارات حول العالم وبالتالي فسوف نتأثر بسياساتها في هذا المجال بشكل مباشر.
- أننا نستورد ما تنتجه شركات السيارات العالمية في هذه الأسواق، سواء المنتجات الجاهزة للاستخدام، أو قطع الغيار المطلوبة للتجميع المحلي، أو الصيانة، بالإضافة إلى أجهزة الشحن. ولذلك فنحن مرتبطين بشكل أساسي بخطط الإنتاج لديهم.
- أن هذه الدول لديها تجارب ناجحة في تنمية هذه الصناعة يمكن أن نستفيد منها في بلادنا فنبدأ من حيث انتهوا.
- إن تكلفة توفير الشواحن الكهربائية بأنواعها سوف تحتاج إلى استثمارات ضخمة من الدولة في البنية التحتية لشبكة الكهرباء، ولذلك سيكون من المفيد التعاون مع هذه الدول في دعم هذه الاستثمارات والتكنولوجيا لدينا لوجود فوائد مشتركة بيننا وبينهم من تطوير هذه الصناعة.
لقد وصلت صناعة السيارات الكهربائية إلى نقطة تحول. وطبقا لخطط إنتاج شركات تصنيع السيارات العالمية فسوف يتم تقديم أكثر من 250 طرازًا جديدًا من السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات (BEV) والسيارات الكهربائية الهجينة الموصولة بالكهرباء (PHEV) خلال العامين المقبلين فقط، ويمكن أن يصل عدد السيارات الكهربائية في الطرق حول العالم إلى 130 مليون سيارة بحلول عام 2030.
وهذا العدد الضخم سوف يحتاج إلى استثمار ما يقدر بين 110 مليار دولار و180 مليار دولار من 2020 إلى 2030 لتلبية الطلب العالمي على محطات شحن السيارات الكهربائية سواء في الأماكن العامة وداخل المنازل.
ويعتبر الشحن في المباني السكنية والتجارية هو العامل المهيمن في المستقبل القريب لتوسيع نطاق هذه الصناعة. وبدون تحديث البنية التحتية الكهربائية للمباني، لن يكون هناك ما يكفي من أجهزة لشحن السيارات الكهربائية يمكن الوصول إليها بسهولة لتلبية احتياجات العملاء. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن شحن السيارات الكهربائية على نطاق واسع يتطلب تخطيطًا دقيقًا لنظام التوزيع الكهربائي للمبنى بالإضافة إلى البنية التحتية للشبكة الكهربائية المحلية.
ولجعل نقاط شحن السيارات الكهربائية أكثر سهولة وبأسعار معقولة، يجب على صانعي القرار في مجال التخطيط العمراني والسكني دمج البنية التحتية للشحن ضمن "المواصفات القياسية لتصميم المباني".
وفي هذه المقالة، سوف نستعرض آثار انتشار أنظمة شحن السيارات الكهربائية على تخطيط البنية التحتية والخدمات المساعدة وذلك لتكون دليل لأصحاب القرار والمتخصصين في هذا الشأن.
كيف يمكن دمج أنظمة شحن السيارات الكهربائية في البنية التحتية الحالية للمباني والشبكات
واجهت المحاولات الأولية لتسويق السيارات الكهربائية على نطاق واسع في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قيودًا فنية، وخاصة نطاق القيادة المحدود للسيارة قبل إعادة شحن البطارية، ولذلك لم تلق النجاح المطلوب في حينه. وأما اليوم فإن السيارات الكهربائية تتمتع بنطاق يتراوح ما بين 250 إلى 600 كم لكل شحنة على الأقل، مما يجعلها أكثر من كافية لنسبة 95% من رحلات السيارات التي تقل عن 50 كم في اليوم.
لذلك تمثل البنية التحتية للشحن عنق الزجاجة لخدمة الزيادة المتوقعة للطلب على للسيارات الكهربائية، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة.حيث من المتوقع أن تتضاعف مبيعات السيارات الكهربائية أربع مرات على الأقل مما يعني اعتماد أكثر من 50 مليون سيارة ركاب وأكثر من أربعة ملايين سيارة تجارية في الأسواق العالمية الرئيسية مجتمعة على توافر نقاط شحن سهلة ورخيصة.
ومع انخفاض أسعار السيارات الكهربائية وإتاحة المزيد من الموديلات، ستصل ملكية السيارات الكهربائية إلى شريحة أوسع من العملاء، لتشمل أكثر من 10% من المبيعات بحلول عام 2025، ثم من 20 إلى 30% من إجمالي مبيعات السيارات بحلول عام 2030. وقد يؤدي الدعم الحكومي الإضافي للسيارات الكهربائية بالإضافة إلىتطبيق مواصفات أشد صرامة على شركات إنتاج السيارات لخفض نسب الانبعاثات الضارة إلى زيادة مبيعات السيارات الكهربائية عن هذه النسب.
ففي الأشهر الأخيرة، أعلنت الدنمارك والمملكة المتحدة حظرًا على مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين اعتبارا من عام 2030، بينما حددت كاليفورنيا- الولايات المتحدة هدفًا مشابهًا لعام 2035. بل إن بعض المدن قد ذهبت لأبعد من ذلك،حيث خططت لحظر السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل تمامًا على مدى العقد المقبل. فعلى سبيل المثال، تنفذ (أمستردام) عاصمة هولندا بالفعل شرطًا يقضي بأن تكون نسب الانبعاثات من جميع السيارات التجارية داخل وسط المدينة تساوي صفر% بحلول عام 2025، وبحلول عام 2030 يجب أن تبقى هذه النسب عند نفس المستوى ولكن لجميع السيارات بما في ذلك سيارات الركوب.
وفيما يتعلق بتوزيع الكهرباء، سيؤدي هذا العدد الضخم من السيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب السنوي على الطاقة من 180 إلى 235 (تيرا. واط. ساعة) بحلول عام 2025 ومن 525 إلى 770 (تيرا. واط. ساعة) بحلول عام 2030 في الأسواق الرئيسية للسيارات التي تمت فيها هذه الدراسات.
وهناك مصدران رئيسيان لشحن السيارات الكهربية وهما:
1. أجهزة الشحن بالتيار المتردد (AC) من المستوى الثانيويمكنها توفير ما يصل إلى 19 كيلو واط في الساعة فقط. ولذلك يستغرق زمن شحن السيارة من 2 إلى 8 ساعات. إلا أن أهم مميزاته أنه أقل تكلفة ويتم بنفس التيار المستخدم لتشغيل الأجهزة الكهربائية الأخرى داخل المنازل.
2. أجهزة الشحن السريع بالتيار المستمر (DCFC) هي أسرع أجهزة شحن في السوق وقادرة على توفير ما يصل إلى 350 كيلو واط في الساعة. ويمكنها شحن سيارات الركوب في حوالي 20 دقيقة فقط وهي ضرورية لشحن البطاريات الأكبر في معظم المركبات التجارية، إلا أن التعامل مع هذا النوع من الشواحن يتطلب معدات وتجهيزات أكثر تطوراً وتكلفة.
ولتلبية هذه الاحتياجات سيتحتم على مالكي العقارات تركيب العدد الكافي من نقاط الشحن المخصصة للسيارات– سواء من أجهزة شحن التيار المتردد (AC) أو شواحن التيار المستمر السريع (DCFCs) في عقاراتهم على مدار العقد القادم. ويقدر العلماء أن الأسواق الرئيسية للسيارات في العالم بحاجة إلى حوالي من 22 إلى 27 مليون نقطة شحن بحلول عام 2025. وسوف يزيد هذا العدد عن 55 مليون نقطة شحن بحلول عام 2030.
ويعتمد مكان الشحن وكمية الكهرباء المستخدمة على أنماط القيادة وتوافرالبنية التحتية وإمكانية الوصول إليها. ويعد الشحن في المنزل حاليًا الخيار الأكثر انتشارًا في كل الأسواق الرئيسية المذكورة بسبب التكلفة المنخفضة للتيار الكهربائي المنزلي بالإضافة إلى المعدل المرتفع لملكية المنازل التي تحتوي على مواقف سيارات خاصة بالنسبة للعملاء الذين تبنوا فكرة استخدام السيارات الكهربائية في وقت مبكر.
ونظرا لأن الشحن الكامل للسيارة قد يتطلب من ساعتين إلى ثماني ساعات على شاحن (AC) من المستوى الثاني، فإن مقدار الوقت الذي تتوقف فيه السيارة في أي من مواقع الشحن العامة غير ممكن لكثير من العملاء، لذلك فأن شحن السيارة في المنزل سواء أكان ذلك طوال الليل أو أثناء ساعات العمل، كاف للحفاظ على الشحن الكامل باستمرار في جميع حالات الاستخدام وبتكلفة مناسبة.
"التكاليف الخفية" لشواحن السيارات الكهربائية
وهنا نأتي إلى أهم التحديات، فمن المتوقع أن تتجاوز تكاليف تجهيزات الشحن وتوزيع الطاقة والبرامج والخدمات المطلوبة لها تكلفة تجهيز وتركيب وحدة الشحن بمفردها طبقا للبحث الذي أجرته شركة "ماكنزي" وجاءت نتائجه كما هو موضح بالرسم البياني التالي والذي تبين منه أن هذه التكاليف يمكن أن تتسبب في حدوث مشكلات لأصحاب المباني ومشغلي شبكات توزيع الكهرباء الذين لم يخططوا لاحتياجات الشحن المستقبلية.
وتصل تكاليف وحدة الشاحن المنزلي حاليا إلى 400 دولار أمريكي،ويقفز هذا الرقم إلى 2400 دولار أمريكي لنقاط الشحن العامة من المستوى الثاني (AC). في حين تصل التكلفة لأكثر من 30 ألف دولار أمريكي لنقاط الشحن ذات التيار المستمر (DCFC) التي تنتج من 50 إلى 150 كيلووات. ولذلك، من الضروري دائمًا تطوير مصادر الطاقة في كل المناطق والأحياء السكنية سواء في المباني أو محولاتتوزيع الكهرباء بها. وهذا يمثل في المتوسط من 15 إلى 20% من إجمالي تكاليف المشروع. وفي بعض المناطق التي يزداد بها عدد السيارات الكهربائية بشكل خاص، قد يكون من الضروري أيضًا تطويرالمحولات الرئيسية والفرعية أيضا لتوزيع الكهرباء. علما بأن تنفيذ هذه الأعمال سوف يحتاج الى مدة تتراوح ما بين 12 إلى 18 شهرًا، اعتمادًا على ظروف العملفي المناطق المختلفة، لأنه من الضروري توفير إمكانية شحن المزيد من السيارات على نظام كهربائي منتظم دون التسبب في انقطاع التيار الكهربائي.
ستكون مشاريع الإنشاءات المدنية ضرورية لتعديل تصميم المباني قبل النظر في احتياجات شحن السيارات الكهربائية. ومن المتوقع أن تكون تكلفة هذه المشاريع عدة أضعاف تكلفة الشاحن نفسه، حيث يمكن أن تصل من15 إلى 30% من إجمالي التكاليف الأولية لأجهزة الشحن بالتيار المتردد (AC)ومن 35 إلى 40% لأجهزة الشحن بالتيار المستمر (DCFC). والأهم من ذلك، أن هذه التكاليف لا يمكن التنبؤ بها لأنها تعتمد في كثير من الأحيان علىحالة موقع العملالغير معروفة مسبقًا.
أما في حالة التجهيز المسبق للمبانيفيمكن أن تقل التكاليف بشكل كبير. حيث تقدر تكلفة تجهيز أماكن انتظار السيارات أثناء انشاء المباني (بأقل من 50 دولارلكل مكان انتظار سيارة واحدة) وهو ما يتيحتثبيت أجهزة الشحن المنزليلاحقا بدون تكاليف إنشاءات مدنية إضافية.
إن استخدام التصاميم والحلول الهندسية الفعالة يمثلان عنصران أساسيان في حل المشاكل المعقدة في مواقع مشاريع الانشاءات لتركيب أجهزة الشحن العامة سواء التي تعمل بالتيار المتردد،أوبالتيار المستمر السريع. ويمكن أن تمثل ما بين 2.5 إلى 5.0% من إجمالي التكاليف. ومن المؤكد أنه في حالة الشحن المنزلي ستكون هذه التكاليف أقل كثيرا.
في حين أن تكلفة التركيبات الكهربائية والتطوير المطلوب للشبكة، والتي تشمل لوحات الكهرباء وقواطع التيار والكابلات الجديدة وأجهزة القياس وتوزيع الطاقة، بالإضافة إلى العمالة، يمكن أن تصل من 15 إلى 30% من التكاليف الأولية لشواحن التيار المتردد العامة ومن 45 إلى 50% لشواحن التيار المتردد المنزلي. ومن المنطقي ستكون هذه التكاليف أعلى في حالة تركيب شواحن التيار المستمر (DCFC).
وغالبًا ما تكون أكبر تكلفة مخفية هي تكلفة استهلاك التيار الكهربائي نفسه. والتي يمكن أن تتغير حسب ساعات الذروة لاستخدام الطاقة.
ومما يزيد من تعقيد هذه التحديات، أن الصيانة المباشرة لأجهزة الشحن العامة وتشغيلها يمكن أن تكون مرهقة ماديا، بما في ذلك إدارة الصيانة وخدمة العملاء وعمليات الفوترة والتحصيل. ولكن عند النظر إليها بشكل منفصل وعلى أساس كل شاحن على حدة، تبدو هذه التكاليف معقولة، على الأقل عند مقارنتها بتكلفة السيارة. ومع ذلك، فإن تنفيذها يحتاج إلى استثمارات كبيرة مرتبطة بكل العوامل المذكورة أعلاه.
التنسيق والتعاون بين الهيئات والكيانات المختلفة
نظرًا للتحديات والتكاليف التي ذكرناها تفصيلا، فضلاً عن الحاجة إلى دمج أجهزة الشحن مع البنية التحتية الحالية للمباني وشبكات الكهرباء، فإن تركيب عدد نقاطالشحن اللازمة لتوسيع نطاق انتشارالسيارات الكهربائية سيتطلب التنسيق ومشاركة الكيانات والهيئات التي قد يكون لها مصالح متضاربة أحيانا.
فعلى سبيل المثال؛ نتيجة للتكلفة الإضافية المطلوبة لتركيب أجهزة الشحن في المباني المختلفة، قد يقوم معظم مالكي المباني بتأخير تركيب وحدات الشحن وهذا يؤدي إلى المخاطرة بدفع المزيد على المدى البعيد لعمليات التحديث باهظة الثمن.
ولذلك يجب على هيئات التخطيط العمراني والإدارات الهندسية المعنية أن يضعوا معايير لتطوير البنية التحتية التي توفر استيعاب الزيادة في الطاقة المطلوبة للشحن بأقل تكلفة ممكنة. واضعين في اعتباراتهم أن نقاط الشحن هي وسيلة للراحة وليست مصدر للربح. مع إضافة بند في "كود بناء المباني الجديدة" لتوصيف الحد الأدنى لتوفر نقاط الشحن في أماكن الانتظار المخصصة للسيارات الكهربائية في المناطق السكنية المختلفة. بالإضافة الى سن لوائح بشأن تركيب "حد أدنى" من نقاط الشحن لجميع المباني غير السكنية. على أن يتم توفير تسهيلات مادية لأصحاب المباني وتقديم الاستشارات الهندسية المطلوبة بأجر رمزي.
سيلعب المسئولين عن تشغيل وصيانة نقاط الشحن دورًا رئيسيًا في إدارة أجهزة الشحن العامة وفي تقديم مجموعة واسعة من خيارات الشحن الأنسب لاحتياجات المباني العامة، بدءًا من النماذج الجاهزة إلى نماذج الدفع لكل دقيقة أو طبقا للاستهلاك (لكل كيلو واط في الساعة).
وسوف يؤدي التخطيط المبكر واعتماد حلول فعالة لإدارة عمليات الشحن وتوزيع الطاقة إلى توفير ملايين الدولارات خاصة للعملاء الذين يمتلكون أسطول من السياراتأو أصحاب المراكز التجارية.
كما يجب على مقدمي خدمات الشحن تقديم حلول سهلة الاستخدام وقابلة للتشغيل الاقتصادي بتكلفة منخفضة وتكون قادرة على توفير وتخزين الطاقة (باستخدام الطاقة الشمسية على سبيل المثال)، لأن هذا أمر بالغ الأهمية بسبب التكاليف المرتفعة للتطوير المطلوب على مستوى المناطقوالشبكات، فضلاً عن التأثير المحتمل لزيادة الرسوم في أوقات ذروة الطلب على طاقة الشحن.
الطريق إلى الأمام
قد تتسبب القرارات قصيرة النظر التي يتم اتخاذها بشأن البنية التحتية الكهربائية والمدنية وقدرة حلول الشحن والتكنولوجيا في زيادة تكاليف البنية التحتية لشحنالسيارات الكهربائية إلى عشرات المليارات من الدولارات،وهذه الاستثمارات الإضافية يمكن أن تعيق تقدم هذا المشروع والوصول إلىتكلفة منخفضة دون عوائق لشحن السيارات الكهربائية. لذلك يجب على المشاركين في هذا المشروع الذين يأملون في توفير خدمة الشحن بأقل تكلفة الالتزام بأفضل الممارسات التالية:
1. بالنسبة لأصحاب العقارات والمباني
- التخطيط المبكر: لقد أثبتت الدراسات، أن التكاليف الإضافية اللازمة لتعديل وتحديث المباني والعقارات يمكن أن تصل إلى "خمسة أضعاف" تكلفة تركيب أجهزة الشحن أثناء بناء العقارات منذ البداية. لذلك فإنه كلما أسرعنا في عمل الخطط اللازمة كلما انخفضت هذه التكاليف.
- ربط تطوير الشبكات الكهربية وأنظمة الشحن بالعلامات التجارية للسيارات: يمكن للحكومات وشركات الكهرباء أن تطلب دعم مباشر من شركات السيارات التي تريد توزيع منتجاتها في هذا البلد في عمل الخطط اللازمة لتطوير شبكة الكهرباء وتوحيد نظام الشحن على مستوى الجمهورية وكذلك تحديد وتوحيد أنواع أجهزة الشحن المتطورة مع توفير عروض الدفع التي تناسب عملائهم لأن ذلك سوف يخفض التكاليف بشكل ملحوظ على كل من أصحاب العقارات والشبكات والعملاء أيضا وهذا الدعم سوف يعود بالفائدة المباشرة لصالح شركات تصنيع السيارات الكهربائية. وأعتقد أن شركات السيارات سوف تستجيب لهذا الطلب نظرا لحاجاتها لبيع أكبر عدد من سياراتها الكهربائية وبالتالي تعظيم أرباحها التي لا تزيد في أفضل الحالات عن 3% من قيمة السيارة في الوقت الحالي.
- تحديد نموذج العمل الصحيح: الذي يحقق أسرع انتشار لتركيب أجهزة الشحن وأقل تكلفة مع قابلية التوسع مستقبلا.
2. مشغلي الشبكات والمرافق المتكاملة
- إشراك العملاء أصحاب المشروعات السكنية والتجارية الكبيرة بشكل استباقي في احتياجات الشحن الخاصة بهم: خاصة الشركات التي لديها عدد كبير من السيارات ومراكز التسوق والتجمعات السكنية. حيث أن هذه القرارات ستعتمد بشكل رئيسي على قدرتهم على تبني فكرة تركيب أجهزة الشحن بشكل فعال من حيث التكلفة في أماكن عملهم.
- ضمان التسعير العادل: ستكون أسعار الشحن المناسبة والمستقرة التي تمثل التكاليف الفعلية للبنية التحتية لشبكة الكهرباء وتكاليف الطاقة المستهلكة فعليا ودون مبالغة هي المفتاح لضمان اتخاذ العملاء قرارات سريعة لخدمة هذا المشروع.
- دمج توقعات انتشار نقاط شحن السيارات الكهربائية مع خطط التوسع في الشبكة: سيتركز تأثير انتشار نقاط شحن السيارات الكهربائية على البنية التحتية لشبكة توزيع الكهرباء بشكل يختلف من منطقة لأخرى. بحيث يكون لدىالهيئة المسئولة عن تشغيل الشبكة نموذج جغرافي جاهز لاستيعاب الزيادة المتوقعة في نقاط شحن السيارات الكهربائية بالإضافة إلى خريطة توزيع للطاقة الكهربية في المناطق المختلفة والتي تمكنهم من تركيب وحدات الشحن بأنواعها عند الحاجة وبأقل تكلفة.
- إنشاء آليات مرنة وسريعة للعملاء عند طلب الخدمة: المرونة في تلبية طلبات العملاء وضمان توفير مصادر الطاقة وتجنب الانقطاعات في التيار الكهربائي ستمثل عوامل هامة في مدى تقبل العملاء لهذه التكنولوجيا الحديثة. سيكون عبء المرافق عاملاً رئيسيًا في توفير الأسعار المناسبة للشحن وكذلك المرونة وسرعة الاجراءات.
كما لاحظنا، أن فكرة انتظار العميل لمدة من ساعتين إلى ثماني ساعات وربما أكثر في حالة وجود عملاء آخرين أمام نقاط الشحن العامة تمثل التحدي الأعظم لتقبل العملاء لفكرة استخدام السيارات الكهربائية لأنه غير مقبول وغير ممكن لكثير منهم حتى عند توفر القدرة المالية للشراء. ولذلك إذا أردنا تنفيذ استراتيجية فعالة لانتشار السيارات الكهربائية في السوق واقناع المزيد من العملاء باستبدال السيارات التي تعمل بالوقود بالتي تعمل بالكهرباء فإن العامل الرئيسي هو وضع وتنفيذ خطة شاملة لتطوير وتحديث البنية التحتية لشبكة الكهرباء مع قابلية التوسع في تركيب نقاط الشحن خاصة في المباني السكنية والتجارية.
وهذا يستدعي تشكيل فريق عمل من المتخصصينفي عدد من الوزارات بالإضافة إلى ممثلين عن شركات تصنيع السيارات الكهربائية وبأدوار متميزة لكل منها في انجاز هذا المشروع القومي وهي: وزارة التخطيط، وزارة الكهرباء والطاقة، وزارة الإسكان متمثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وزارة الاتصالات بالإضافة إلى وزارة النقل والمواصلات. على أن يتم منح هذا الفريق الصلاحية الكاملة لاتخاذ القرارات وتنفيذها.كما يمكن لوزارة الصناعة أن تشارك في هذا المشروع من خلال هيئة المواصفات القياسية والجودة.
ولكن، هل نتوقع أن تدعم شركات البترول العالمية هذا التوجه أم ستحاول إعاقته لحماية مصالحها؟ هذا ما سوف نستعرضه مع حضراتكم في حلقات المقالة القادمة إن شاء الله.