نظراً لارتفاع أسعار قطع غيار السيارات الأصلية بمراكز الخدمة المعتمدة يقوم بعض العملاء بإحضار قطع غيار بديلة غير أصلية من خارج التوكيل تكون أرخص بكثير، ويطلبون من مركز الخدمة تركيبها بسياراتهم، لكن فى أغلب الأحيان يرفض مركز الخدمة المعتمد القيام بذلك، وعندئذ ينشأ الخلاف والصدام بينهما.
يقول المهندس لطفى حمودة خبير السيارات عن الفرق بين قطع الغيار الأصلية والأخرى البديلة إن قطعة الغيار الأصلية (OEM) هى قطعة الغيار التى صُنِّعت طبقاً للمواصفات الفنية لصانع السيارة من حيث الجودة والأداء والمتانة وعمرها الافتراضى، وهى تطابق تماماً قطعة الغيار التى رُكّبت بالسيارة وقت تجميعها وهى مضمونة بضمان المُصَّنِع.
أما قطع الغيار البديلة غير الأصلية (Aftermarket) فهى تماثل الأصلية فى الشكل، أما عن وفائها بالمواصفات الفنية القياسية الموضوعة بواسطة الشركة الصانعة للسيارة فهذا أمر غير مؤكد أو مضمون بالمرة.
وقد يعتقد العميل بأن قطع الغيار التى يحضرها من خارج التوكيل هى قطع غيار أصلية .. وهذا اعتقاد يحتمل الخطأ بنسبة كبيرة – حيث أن تكنولوجيا غش وتقليد قطع الغيار بلغ مداه، بل أن هناك للأسف أماكن متخصصة فى تحويل قطعة الغيار المقلدة أو المغشوشة لتبدو تماماً مثل قطعة الغيار الأصلية فى الشكل والتغليف ورقم القطعة .. حتى العلامة المائية يمكن تقليدها.
ويصعب على أى فنى مهما كانت قدراته أن يفرق بينها وبين القطعة الأصلية إلا باختبارات معملية غير متاحة بالطبع لدى أى توكيل. لذلك فإن الضامن الوحيد للعميل بأن قطعة الغيار التى يشتريها هى قطعة غيار أصلية هو أن يشتريها من الوكيل أو الموزع المعتمد.
ولكن .. أليس من حق العميل أن يقتصد فى نفقات تشغيل سيارته بأن يشترى قطعة الغيار الأرخص طالما أنها تفى بالغرض المطلوب؟
يقول المهندس لطفى حمودة: إن أسعار قطع الغيار الأصلية أصبحت غالية الثمن فعلاً خصوصاً بعد تعويم الجنيه .. ولكن القيمة السوقية للسيارة التى نمتلكها قد تضاعفت هى أيضاً. ويؤكد أن من حق العميل بالطبع أن يقلل من مصاريف صيانة وإصلاح سيارته بقدر الإمكان ولكن بشرط ألا يؤثر ذلك على قيمة السيارة التى تُعَدُّ استثماراً كبيراً بالنسبة له يجب أن يحافط على قيمته وكفاءة أدائه وأن يحافظ بالضرورة على سلامة وأمان السيارة وركابها وذلك باستعماله قطع غيار أصلية معتمدة من صانع السيارة وأن ينأى بنفسه وبسيارته عن استعمال أى قطع غيار مجهولة المصدر.
وسأذكر مثالاً عملياً على ذلك وهو " تيل الفرامل " الذى يُشَكّل عادة نقطة جدال بين العميل ومركز الخدمة بسبب سعره الغالى بالتوكيل مقارنةً بسعر التيل البديل الذى يحضره العميل ويطلب تركيبه بسيارته. صحيح أن سعر هذا التيل البديل قد يصل إلى نصف سعر التيل الأصلى بالتوكيل، وصحيح أيضاً أنه يتمكن من إيقاف السيارة بنجاح فى الظروف العادية .
لكن السؤال هو: هل يقوم هذا التيل البديل بوظيفته بالكفاءة المطلوبة لإيقاف سيارة تزن 1500 كج فجأة من سرعتها القصوى التى قد تبلغ 250 كم/ساعة بأمان كامل؟! وهل تم اختبار هذا التيل البديل من الشركة التى صنَّعَته فى مثل هذه الظروف القاسية التى تتولد فيها إجهادات بالغة وحرارة هائلة يمكن أن ينهار التيل بسببها على الفور؟! وهل نأمن على حياة أولادنا وخصوصاً الشباب وصغار السن منهم على قيادة سياراتهم بسرعاتهم الجنونية المعهودة بمثل هذا التيل البديل ثم نندم يوم لاينفع الندم؟!
لكن لماذا يرفض مركز الخدمة مبدأ إحضار العميل لقطع الغيار طالما أنها ستركب على مسئوليته ولا يطلب ضماناً عليها، وفى نفس الوقت لماذا لا يستفيد مركز الخدمة من قيمة المصنعية على الأقل عملاً بمبدأ أن ما لا يدرك كله لا يترك كله؟
يؤكد المهندس لطفى حمودة على أن أى توكيل معتمد يسمح بتداول قطع غيار خلاف قطع الغيار الأصلية التى يبيعها، حتى لو كان ذلك بنسبة ضئيلة سرعان ما يفقد سمعته ويكون دائماً فى موضع شك فيما يقوم بتركيبه بسيارات العملاء. حتى الشركة الأم يمكن أن تشكك عندئذ فى قطع الغيار التى يقوم التوكيل بتركيبها فى أعمال الضمان ونفس الحال مع شركات التأمين.
ومن المعلوم أن التوكيل المعتمد يضمن كل الإصلاحات التى يقوم بها ( مصنعيات وقطع غيار ) ، وفى حالة إحضار العميل قطع الغيار وحدوث أى عيب بعد استلامه سيارته سيثار بالطبع جدل متوقع: هل العيب الناتج هو من قطعة الغيار أم هو عيب تركيب ؟! وسيصبح التوكيل فى موضع المسئولية فى نظر العميل حتى لو كان العيب قد نتج فعلاً من قطعه الغيار التى أحضرها ، مما يؤثر على سمعة ومصداقية التوكيل وينال من متانة العلاقة بينه وبين عملائه. وفى الأغلب عندئذ سيضيع حق العميل بين الجهة التى اشترى منها القطعة وبين التوكيل القائم بالتركيب وذلك نتيجة ضياع المسئولية بينهما.
ومع الوقت والتعميم ستنتشر قطع الغيار مجهولة المصدر بالأسواق مما يؤثر سلباً على أداء وعمر السيارة التى تُركَّب بها هذه القطع وستسوء سمعتها بين الماركات الأخرى المحترمة وستفقد الكثير من قيمتها عند إعادة بيعها.
وعند وقوع حادث لا قدر الله ينتج عنه إصابات أو خسائر فى الأرواح وكان سببها قطع الغيار التى أحضرها العميل فإن ذلك لا يعفى التوكيل من المسئولية القانونية والجنائية حتى لو تعهد العميل مسبقاً بتحمله المسئولية كتابةً، حيث أن التوكيل قد سمح بل وقام بتركيب هذه القطع المتسببة فى الحادث.
وكذلك فإن استعمال قطع غيار غير معتمدة يُخرج السيارة من الضمان وهذا مذكور صراحة بكتيب الضمان، مما يُحرِم العميل من إحدى أهم حقوقه.
وأخيراً .. يؤكد المهندس لطفى حمودة بأن السيارة أصبحت استثماراً غالياً يصعب تعويضه، وأن أماننا وسلامتنا نحن وأولادنا لا يجب أن نفرط فيهما من أجل بضعة جنيهات نوفرها بشرائنا قطع غيار بديلة مجهولة المصدر، وألا ننساق وراء من يُرَوج لها من أصحاب المنفعة والمصلحة مستخدمين فى ذلك كل الوسائل والأساليب الممكنة للتسويق لها وعلى رأسها مخاطبة ملاك السيارات على مواقع التواصل الاجتماعى مرتدين ثوب الناصح الأمين والفنى العالم بكل بواطن الأمور.