بعد أن انتقل لطفي منصور بتجارته إلى قلب أوروبا، واستعاد مجده في جنيف بصفقات القطن التي جعلته أحد كبار المتعاملين في الأسواق العالمية، جاء انفجار أسعار القطن مطلع السبعينيات ليمنح العائلة أرباحاً طائلة، قبل أن تنجو من انهيار السوق بفضل بصيرة الأب الذي أدرك أن زمن «الذهب الأبيض» قد انتهى، فقرر أن يفتح صفحة جديدة في تاريخ العائلة تبدأ من عالم السيارات.
«رؤية جديدة لعهد جديد»
بحسه السياسي ووعيه الاقتصادي، شعر لطفي منصور أن مصر مقبلة على مرحلة مختلفة، وأن زمن التأميم والمصادرة والتضييق لن يعود في ظل قيادة سياسية جديدة تتطلع إلى المستقبل، وآمن بأن البلاد تهيئ بيئة خصبة وصالحة للإستثمار، فكان قراره التاريخي بالتحول من تجارة القطن إلى صناعة السيارات.
«عاشق السيارات»
يقول السير محمد منصور في مذكراته «مسيرتي»: كان أبي منذ شبابه، مولعاً بالسيارات، وقد امتلك مبكراً سيارات بويك وشيفروليه، بل اشترى يوماً سيارة مرسيدس وسافرنا بها من سويسرا إلى إيطاليا.
«اللقاء الذي رسم المستقبل»
ويستكمل السير محمد منصور قائلاً: في أحد أيام عام 1975، وصل إلى والدى خبر بأن شركة جنرال موتورز العالمية تبحث عن موزعين جدد لسياراتها في مصر، لم يتردد كثيراً، وبالفعل اجتمع مع رئيسها التنفيذي آنذاك جاك لورانس.
ويحكي السير محمد منصور مضيفا: خرج والدي من الاجتماع مقتنعاً تماماً بأن تجارة القطن انتهت، وأن المستقبل في السيارات، ولم يكن جاك لورانس يعرف الكثير عن والدي، لكنه شعر أنه أمام رجل من طراز خاص، يتمتع بذكاء وخبرة وملاءة مالية كبيرة.
كان جاك معجباً أيضاً بتركيبة العائلة نفسها، فالأب لديه أربعة أبناء درسوا في الولايات المتحدة، ما يعني أن لديهم رؤية حديثة قادرة على إدارة الأعمال بعقلية عالمية، وهو رجل بلغ 65 عاماً ويملك خبرة عظيمة.
«ولادة شركة منصور للسيارات»
في ديسمبر عام 1975، تم توقيع الاتفاق التاريخي بين شركة لطفي منصور وأولاده وجنرال موتورز لتصبح الشركة وكيل سيارات شيفروليه في مصر، هكذا أسسنا أنا وأبي وإخوتي الشركة برأس مال متواضع، لكن بإصرار كبير.
ويقول السير محمد: كانت عودة البنوك الأمريكية الكبرى مثل سيتي بنك وتشيس مانهاتن إلى مصر، تمنح بصيصاً من الأمل لنمو القطاع الخاص، وإن كانت تعاملت بحذر شديد في منح القروض.
«من القطن إلى السيارات»
هكذا، أسدل الستار على حقبة القطن التي شكلت مجد العائلة الأول، وبدأت حقبة جديدة من الطموح الصناعي، لم يكن لطفي منصور يعلم أن قراره ذاك سيتحول بعد عقود إلى إمبراطورية اقتصادية عابرة للحدود.
تابعونا في الحلقة السابعة من سلسلة مذكرات السير محمد لطفي منصور «مسيرتي»..
من الذهب الأبيض إلى جنرال موتورز.. الميلاد الحقيقي لإمبراطورية منصور (6)| عاجل.. فيديو