في الوقت الذي يتزايد فيه زخم التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، كشف تقرير صادر عن المجلس الدولي للنقل النظيف (ICCT) أن شركات صناعة السيارات الصينية، إلى جانب شركة تسلا الأمريكية، تواصل تصدر سباق المركبات الكهربائية، بينما لا تزال شركات السيارات الأمريكية التقليدية تعاني من تأخر واضح في عدة مؤشرات رئيسية.
جاء ذلك خلال ندوة إلكترونية عقدتها مؤسسة برنشتاين للأبحاث يوم 24 يونيو 2024، لمناقشة تصنيف أداء شركات السيارات العالمية.
تقييم شامل لـ21 شركة عالمية
اعتمد التقرير على تقييم 21 من كبرى شركات السيارات العالمية، وفقًا لـ10 معايير مقسّمة إلى ثلاث فئات رئيسية:
الهيمنة على السوق
أداء التكنولوجيا
الرؤية الاستراتيجية
الصين و«تسلا» فقط في فئة "الرائد"
بحسب التصنيف، كانت شركات السيارات الصينية وتسلا هما الوحيدتان اللتان حصدتا تصنيف "الرائد" (Leader)، بفضل تفوقهما في كل من الحصة السوقية والتكنولوجيا والخطط المستقبلية.
BYD الصينية سجلت ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 47% في مبيعات السيارات الكهربائية خلال عام واحد، متجاوزة تسلا من حيث حجم المبيعات العالمي للسيارات الكهربائية بالكامل.
في المقابل، شهدت الشركات الأمريكية مثل جنرال موتورز وفورد تحسناً طفيفاً، لكن دون الوصول إلى مستوى الريادة.
حصة ضعيفة في السوق الأمريكي
رغم ارتفاع الوعي بسيارات الكهرباء، لم تحقق الشركات الأمريكية تقدمًا ملموسًا في المبيعات:
ارتفعت حصة السيارات الكهربائية في السوق الأمريكية من 9% إلى 10% فقط بين 2023 و2024.
وهو نمو محدود للغاية، مقارنة بالقفزات التي تشهدها السوق الصينية والأوروبية.
أداء تقني متفاوت
فيما يخص الأداء التكنولوجي، كانت النتائج متباينة:
جنرال موتورز حسّنت سرعة الشحن وقدّمت موديلات جديدة بأداء أقوى، مثل شيفروليه بليزر الكهربائية.
فورد وجنرال موتورز حققتا تقدمًا في مجال استخدام "الصلب الأخضر"، عبر توقيع اتفاقيات شراء تُقلل من البصمة الكربونية لعمليات التصنيع.
أما في مجال إعادة تدوير البطاريات، فشهدت بعض الشركات تقصيراً في التنفيذ رغم التصريحات العلنية.
الرؤية الاستراتيجية.. تأخر أمريكي آخر
في مؤشر "الرؤية الاستراتيجية"، الذي يقيس جدية الشركات في تبني مستقبل خالٍ من الانبعاثات، تباينت النتائج:
ستيلانتس (المالكة لـ فيات، بيجو، أوبل وغيرها) حافظت على أعلى الدرجات، بفضل ربط تعويضات المديرين التنفيذيين بأداء السيارات الكهربائية.
جنرال موتورز فقدت مركزها بعد أن ألغت الحوافز طويلة الأجل المرتبطة بالسيارات الكهربائية من نظام المكافآت.
في المقابل، أضافت شركات مثل هوندا وجاكوار لاند روفر حوافز جديدة مرتبطة بالاستدامة البيئية.
غياب وضوح السياسات الأمريكية يعوق التقدم
أشار التقرير إلى أن عدم الاستقرار السياسي والتشريعي في الولايات المتحدة يُمثل عائقاً حقيقياً أمام شركات صناعة السيارات، حيث أبدت بعض الشركات تباطؤًا في خطط الاستثمار، انتظارًا لوضوح موقف الحكومة من:
قوانين وكالة حماية البيئة (EPA)
إعفاءات ولاية كاليفورنيا
تطبيق قانون خفض التضخم
بينما أعادت فورد التأكيد على استمرارها في ضخ الاستثمارات في مجال البطاريات، بغض النظر عن تغير السياسات، أشارت شركات أخرى إلى تباطؤ في خططها بسبب المشهد التنظيمي الضبابي.
المعركة مستمرة.. ولكن الكفة تميل شرقًا
في ظل التسارع العالمي نحو السيارات الكهربائية، يبدو أن الريادة لم تعد أمريكية خالصة، بل تتجه بشكل متزايد نحو الشرق، وتحديدًا الصين، في وقت تبذل فيه شركات مثل "جنرال موتورز" و"فورد" مجهودًا للحاق بالركب، لكن الطريق لا يزال طويلاً ما لم تُعالج التحديات السياسية والتقنية.