مازالت شكاوى عدد من المواطنين تتوالى بشأن أعطال مفاجئة في سياراتهم يُعتقد أنها ناتجة عن جودة البنزين المتداول في الأسواق، ما دفع وزارة البترول، ممثلة في الهيئة العامة للبترول، إلى تشكيل لجنة استشارية بالتعاون مع كلية الهندسة – قسم هندسة السيارات بجامعة عين شمس، لتحليل عينات البنزين ومكوناته بدقة.
ودعت الهيئة العامة للبترول المواطنين الذين تعرضت سياراتهم لأعطال، خصوصًا المرتبطة بطلمبة البنزين، إلى التواصل مع منظومة الشكاوى الحكومية، والإبلاغ عن اسم محطة الوقود التي تم التموين منها، مؤكدة أنها تقوم بدورها أيضًا بتحليل المحتوى الداخلي لطلمبات السيارات المتضررة في إطار سعيها لكشف الحقيقة.
وفي جولة لـ«الأهرام أوتو» على عدد من الورش الميكانيكية لرصد حجم الأعطال، أكد سيد عاطف، ميكانيكي متخصص في السيارات الصينية بمنطقة صقر قريش، أنه خلال الأيام العشرة الماضية استقبل خمس سيارات محمولة على أوناش بعد تعطلها بسبب تلف طلمبة البنزين، موضحًا أن بعضها تعطل على الكبارى وأخرى على الطرق الصحراوية. واعتبر عاطف أن هذا الرقم يفوق المعدلات الطبيعية لمثل هذه الأعطال، مرجحًا وجود مشكلة في جودة الوقود.
من جانبه، رأى محمد عبد الدايم، صاحب ورشة متخصصة في صيانة سيارات "مازدا"، أن بداية فصل الصيف من كل عام تشهد بالفعل زيادة في صيانة وتغيير بعض طلمبات البنزين، وأحيانًا المواتير، وهو أمر يعتبره طبيعيًا نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتغير ظروف التشغيل.
وفي تعليقه على ما أُثير من اتهامات بشأن "غش البنزين"، نفى المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، وجود غش ممنهج في الوقود، واصفًا هذه المزاعم بأنها "أمر مستحيل". وأوضح أن وجود نسبة من المياه داخل طن البنزين – تتراوح بين 3 إلى 5 جرامات – أمر مسموح به فنيًا، ويحدث خلال عمليات الشحن والنقل من المستودعات إلى الخزانات الأرضية في محطات الوقود، حيث يمكن أن تتراكم الشوائب بفعل التبخير، مشيرًا إلى أن المياه أثقل من البنزين وتترسب في قاع الخزانات.
وأشار كمال إلى أن بعض طلمبات المحطات مزودة بحساسات تقوم تلقائيًا بسحب المياه عندما يصل منسوبها إلى 5 أو 10 سم، لكن في حال تأخر عمل الطلمبة، قد تحدث "تقليبة" مفاجئة عند وصول شحنة جديدة من البنزين، ما يؤدي إلى خلط المياه بالوقود بشكل مؤقت لمدة لا تتجاوز نصف ساعة، وقد تتزود خلالها بعض السيارات بكميات غير نقية.
وشدد الوزير الأسبق على أن الشركات الكبرى العاملة في السوق، مثل "موبيل" و"شل" و"توتال" و"مصر للبترول" و"الوطنية"، لا يمكن أن تكون طرفًا في أي عملية غش، مرجحًا أن تكون المشكلة ناتجة عن ترسيبات في خزانات المحطات أو في سيارات المواطنين أنفسهم، مع أهمية الصيانة الدورية لفلاتر البنزين.
وألمح كمال إلى أن بعض الشكاوى قد تتركز في مناطق معينة بسبب محطات صغيرة تُعرف بـ"محطات الرصيف"، وهي طلمبات بدائية تُنصب في الشوارع أمام المحال التجارية، وتحتوي على خزانات صغيرة قد تشهد خلط بنزين من درجات مختلفة، ما يؤدي إلى تلف مكونات السيارة.
وأكد أن وزارة البترول والثروة المعدنية، بالتنسيق مع الجهات الرقابية، تجري حملات تفتيش دورية على المحطات، وفي حال ثبوت أي مخالفة يتم إغلاق المحطة فورًا، حيث يتمتع مفتشو البترول والتموين بحق الضبطية القضائية.
واختتم كمال تصريحاته بالإشارة إلى أن مثل هذه الأزمات تتكرر سنويًا في هذا التوقيت، وتستغلها بعض "الكتائب الإلكترونية" لإثارة الجدل والتشكيك، بالتزامن مع اقتراب موسم الصيف، متوقعًا استمرار هذه الحملات حتى منتصف يوليو، حيث تتزامن غالبًا مع قضايا تشغل الرأي العام.