في وقتٍ تتسابق فيه شركات السيارات العالمية لتثبيت أقدامها في سوق المركبات الكهربائية المتنامي، فاجأت عملاقة الصناعة الصينية "بي واي دي" العالم بتحقيق أفضل مبيعات شهرية في تاريخها، ما يعزز مكانتها كمحرك رئيسي للثورة الكهربائية على الطرقات ويقربها أكثر من هدفها السنوي الطموح. فهل نشهد ولادة زعيمة جديدة لعصر ما بعد البنزين؟
حققت شركة "بي واي دي" (BYD)، الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، رقمًا قياسيًا جديدًا خلال أبريل 2025، بعد أن سجلت مبيعات بلغت 380,089 وحدة من سيارات الطاقة الجديدة، بزيادة تجاوزت 20% على أساس سنوي، ما يضعها على الطريق الصحيح لتحقيق هدفها السنوي الطموح بتسليم 5.5 مليون سيارة.
وبحسب بيان رسمي صدر يوم الخميس، استحوذت السيارات الركابية على النصيب الأكبر من هذه المبيعات، حيث بلغت 372,615 وحدة، من بينها 195,740 سيارة كهربائية بالكامل تعمل بالبطاريات، متجاوزة لأول مرة منذ أوائل 2024 مبيعات السيارات الهجينة القابلة للشحن، التي بلغت 176,875 وحدة.
ويُعد هذا التحول علامة فارقة في استراتيجية الشركة، التي تسعى إلى ترسيخ مكانتها في سوق السيارات الكهربائية الخالصة، بعد أن حققت نجاحات كبيرة في فئة السيارات الهجينة العام الماضي.
استثمارات في التكنولوجيا... وطموحات فاخرة
ولتعزيز موقعها التنافسي، تعتزم "بي واي دي" إطلاق سلسلة من الطرازات الجديدة المزودة بأنظمة قيادة ذكية وتقنيات شحن فائق السرعة، وهو ما يُتوقع أن يدفع مبيعات الشركة إلى مستويات أعلى، خاصة في ظل تباطؤ طفيف شهده قطاع السيارات الكهربائية النقية مؤخراً.
وقد خطفت "بي واي دي" الأضواء خلال معرض السيارات الفاخرة في شنغهاي الأسبوع الماضي، حيث كشفت عن مجموعة من السيارات النموذجية الفاخرة، تضمنت طرازات رياضية متعددة الاستخدامات وسيارات رياضية جديدة، ما يعكس نيتها اقتحام سوق السيارات الراقية.
في سياق متصل، ارتفعت أسهم "بي واي دي" بنسبة 40% منذ بداية 2025، مدعومة بأداء مالي قوي وتوسع مستمر في الأسواق العالمية، خاصة مع تفاديها الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الصينية في الولايات المتحدة، نظرًا لعدم بيعها سيارات ركاب هناك.
منافسة شرسة... ونجاحات صينية جماعية
لم تكن "بي واي دي" وحدها في سباق الأرقام، فقد شهدت شركات السيارات الكهربائية الصينية الأخرى أداءً لافتاً خلال أبريل:
سجلت "إكس بنغ" (Xpeng) مبيعات بلغت 35,045 وحدة، بزيادة 273% على أساس سنوي، لتسجل ثاني أفضل شهر في تاريخها.
"لي أوتو" (Li Auto) بدورها حققت نموًا بنسبة 32% لتقترب من بيع 34,000 وحدة.
"نيو" (Nio) أيضاً سجلت ثاني أفضل أداء شهري لها، ببيع 23,900 وحدة.
في المقابل، واجهت شركة "شاومي" (Xiaomi) بعض التحديات، حيث تراجعت مبيعاتها بنسبة 3.4% مقارنة بمارس، مسجلة أكثر من 28,000 وحدة. ويُرجح أن يكون السبب في هذا التراجع تحديات في الطاقة الإنتاجية وليس تراجع الطلب، رغم الحادث المأساوي الذي تعرّض له أحد طرازاتها (SU7) في مارس.
ورغم ذلك، تواصل "شاومي" تلقي طلبات كثيفة على سياراتها، حيث بلغت فترات الانتظار على طرازي "بيزك" و"برو" نحو 45 أسبوعًا، وفق تقارير محلية.
قفزات وتراجعات
وفي مشهد متقلب، قفزت مبيعات شركة "جيلي أوتوموتيف" (Geely) بنسبة 53% خلال أبريل، لتصل إلى 234,112 وحدة. وعلى النقيض، تراجعت مبيعات العلامة التجارية الفاخرة التابعة لها "زيكر" (Zeekr) بنسبة 15% على أساس سنوي، متأثرة بتزايد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية عالية الأداء.
مستقبل مشحون بالكهرباء
تشير هذه الأرقام مجتمعة إلى أن سوق السيارات الكهربائية في الصين بات أكثر تنوعًا وتنافسية، مع صعود لاعبين جدد وسعي الشركات الكبرى إلى تنويع عروضها التقنية والفاخرة. ويبدو أن عام 2025 سيكون حاسمًا في إعادة تشكيل خريطة صناعة السيارات عالميًا، ببطارية وشريحة ذكية بدلًا من محرك الاحتراق القديم.
.