Close ad
عاجل.. لهيب قرارات ترامب تحرق المواطن الأمريكي: ارتفاعات جنونية قادمة في أسعار السيارات- تحليل خاص من واشنطن

.

واشنطن سحر زهران 9 ابريل 2025

في خطوة فاجأت الداخل الأمريكي وأربكت أسواق العالم، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا تنفيذياً بفرض رسوم جمركية ضخمة بنسبة 25% على جميع السيارات المستوردة وقطع غيارها، هذا التصعيد الصارخ يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب التجارية التي أشعلها ترامب في ولايته الأولى، لكنه اليوم يعود أكثر حسمًا في ما سماه "يوم التحرير التجاري"، مؤكدًا أن “عقودًا من الاستغلال الاقتصادي يجب أن تنتهي”.

 

أمريكا أولاً.. والبقية؟ في طابور الانتقام

 

ترامب، الذي دأب على مهاجمة الاتفاقيات متعددة الأطراف، نفذ تهديداته المؤجلة منذ سنوات، ووجّه ضربة مباشرة لقطاع السيارات العالمي، في سابقة هي الأعنف بتاريخ التجارة الحديثة. القرار – الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع أبريل – شمل كل السيارات والشاحنات الخفيفة وقطع الغيار المستوردة، دون استثناء لأي بلد، بما في ذلك شركاء أمريكا التقليديين ككندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.

ولأن القرار لم يأتِ مؤقتًا بل بـ"صفة دائمة"، كما أوضح البيت الأبيض، فإن الرسوم أصبحت بمثابة تحول جذري في سياسات واشنطن الاقتصادية، ما أثار سخطًا دوليًا لا يُستهان به.

 

غضب عالمي يتّسع

ردود الفعل الدولية جاءت ككرة لهب متدحرجة. كندا وصفت القرار بأنه “طعنة في العلاقات التاريخية”، وألمح رئيس وزرائها إلى انتهاء عهد التكامل الاقتصادي مع واشنطن. أما أوروبا، فرفعت نبرة الخطاب عبر تصريحات قوية من ماكرون وشولتس، محذرين من زلزال اقتصادي قد يضرب الجميع. وحتى حلفاء أمريكا في آسيا، كاليابان وكوريا الجنوبية، أعربوا عن خشيتهم من أن تنهار صناعاتهم المعتمدة على السوق الأمريكية.

 

من خطوط الإنتاج إلى خطوط الأزمة: صناعة السيارات تحت الحصار

 

القرار الأمريكي باغت سلاسل التوريد العالمية المعقدة، التي بُنيت على مدى عقود عبر اتفاقيات تكامل كـ"نافتا" و"USMCA". حيث تمر مكونات السيارة الواحدة عبر حدود متعددة قبل التجميع النهائي، مما يجعل الرسوم الجديدة كالقنبلة في قلب هذه الشبكة.

تقديرات Cox Automotive تتوقع انخفاضًا حادًا في الإنتاج يصل إلى 20 ألف سيارة يوميًا خلال أبريل، بسبب اضطرابات التوريد وارتفاع التكلفة. الشركات الكبرى بدأت تستشعر الصدمة: أسهم جنرال موتورز هوت 7%، وفورد وستيلانتس بنحو 3%. المفاجأة الوحيدة كانت تسلا، التي ارتفع سهمها بنسبة 5% لاعتمادها الأكبر على التصنيع المحلي.

 

ثلاثة خيارات مُرّة: التصنيع المحلي، امتصاص الخسائر، أو… رفع الأسعار

 

تواجه الشركات الآن ثلاث طرق كلها مكلفة: إما نقل الإنتاج داخل أمريكا، أو تحمل الرسوم وتقليص الأرباح، أو تحميل المستهلك الفرق برفع الأسعار. وقد بدأت شركات كفولفو وأودي ومرسيدس بالفعل التلويح بخطط لتوسيع مصانعها داخل أمريكا، لكن الأمر يحتاج لسنوات، ولن ينقذ الوضع الحالي.

في غضون ذلك، أعلنت فيراري وغيرها من العلامات الفاخرة رفع الأسعار بنسبة تصل إلى 10% فورًا، فيما قالت شركة Valeo لمكونات السيارات إنها سترفع أسعارها للمصنّعين الأمريكيين لتغطية الرسوم الجديدة.

 

من قاعات المصانع إلى ساحات العرض: الأسعار على وشك الانفجار

 

الانعكاسات على السوق الأمريكية لا تحتاج لكثير من التحليل. سيارات سعرها 25 ألف دولار قد تقفز إلى 31 ألف دولار دفعة واحدة. حتى السيارات المُصنّعة داخل أمريكا لن تسلم، إذ أن كثيرًا من مكوناتها مستورد، ما يعني ارتفاعًا عامًّا في الأسعار.

تقديرات غولدمان ساكس تشير إلى زيادات بين 5,000 و15,000 دولار للسيارات المستوردة، وحتى المحلية قد ترتفع 3,000 إلى 8,000 دولار. والمحصلة: ارتفاع متوقع في الأسعار يصل إلى 11% على الأقل، في وقت كان فيه السوق يعاني أصلًا من أسعار مرتفعة منذ جائحة كورونا.

 

حُمى الشراء تسبق العاصفة: المستهلك يسبق الزيادة

 

القلق من ارتفاع الأسعار فجّر موجة “شراء ما قبل الصدمة”. مواقع مثل كيلي بلو بوك وDealer.com سجلت ارتفاعًا حادًا في الاهتمام والمبيعات فور إعلان القرار. مبيعات فورد قفزت 19% في مارس، ويبدو أن كثيرًا من الأمريكيين اختاروا شراء سياراتهم قبل أن تشتعل الأسعار.

بل إن بعض المواطنين – كما في حالة سيدة من فيرمونت – قرروا شراء سيارات مستعملة بأسعار خيالية بدل انتظار سيارة جديدة مهددة بالزيادة. وهذا ما يُنذر بأن سوق السيارات المستعملة بدوره سيدخل دوامة غلاء قريبًا.

 

الصدمة الاقتصادية.. تتجاوز حدود السيارة

 

ارتفاع أسعار السيارات سيؤثر في مجمل قدرة الأسرة الأمريكية على الإنفاق، بل وعلى أهليتها للاقتراض العقاري لاحقًا، بحسب خبراء التمويل. الرسوم إذًا لا تقتصر على سيارة غالية، بل تمتد إلى تهديد الاستقرار المالي للأسر الأمريكية.

 

البيت الأمريكي منقسم: نقابات تدعم، والمحللون يحذّرون

 

في الداخل، لقي القرار دعمًا من نقابات عمال السيارات مثل UAW التي رحبت بتعزيز التصنيع المحلي، رغم إدراكها للآثار السلبية المؤقتة. كما دعمت شركات ديترويت الكبرى الرؤية الاستراتيجية، لكنها طالبت بالحذر كي لا تُحمّل التكلفة بالكامل للمستهلك.

أما الخبراء والمحللون، فتحذيراتهم كانت صريحة: السوق سيشهد موجة تضخمية كبيرة، وسلاسل الإمداد ستتضرر لعقود. تقرير لمصرف Barclays وصف القرار بـ”الأقسى مما كان متوقعًا”، مشيرًا إلى أن الضرر طويل الأمد سيفوق الفوائد المحتملة بكثير.

اخبار جوجل تابعوا صفحتنا على أخبار جوجل

الاخبار المقترحة

الاخبار الرئيسية

مقال رئيس التحرير

بقلم هشام الزيني

المصداقية المأجورة!

الأكثر قراءة