Close ad
الوجه المظلم للتقدم في الذكاء الاصطناعي AI (2) "مستقبل "البشرية"

.

دكتور مهندس: سمير على, 15 مارس 2025


يشهد العالم تطوراً غير مسبوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتسعى الشركات الكبرى إلى استخدامه في العمليات الإنتاجية المختلفة وفي صناعة السيارات بشكل خاص والذي استعرضناه مع حضراتكم في الجزء الأول من هذا المقال والذي يمكن الاطلاع عليه من خلال الرابط التالي: (https://auto.ahram.org.eg/News/124621.aspx

وفي هذا الجزء من هذه المقالة سوف نستعرض مع حضراتكم تهديد هذه التكنولوجيا كما يلي:

ثانيا: تهديد الذكاء الاصطناعي للحياة البشرية

يخشى بعض العلماء من أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح تهديداً وجودياً للبشرية بشكل عام. ففي دراسة أجراها معهد "مستقبل البشرية" بجامعة أوكسفورد، توقع الباحثون أن تطور الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان البشر السيطرة على الأنظمة الذكية بحلول 2040 وخاصة من خلال الاتجاهات التالية:

تهديدات الأمن السيبراني لسلامة وأمن مستخدمي السيارات الكهربائية

أوضحنا في الجزء الأول من هذا المقال نبذة سريعة عن هذا التحدي الخطير والذي سيؤدي لرفع قيمة سوق الأمن السيبراني للسيارات إلى 5.6 مليار دولار بحلول عام 2026. فمن خلال أجهزة الشحن يمكن الوصول إلى بيانات العملاء الشخصية والمالية الموجودة تفصيلا لدى شركات السيارات مما يعرض سلامة الركاب للخطر وتقويض ثقة المستهلك في السيارات الكهربائية. وقد كشف أحدث تقرير من شركة الأمن السيبراني (Upstream) أن الحوادث الإلكترونية المتعلقة بالسيارات والتنقل الذكي ارتفعت بنسبة 39٪ في عام 2024 مقارنة بالعام السابق، بعد أن أصبحت محطات شحن السيارات الكهربائية هدف متزايد للمهاجمين. 

وسجل التقرير 409 حادثة هجوم سيبراني في عام 2024، ارتفاعًا من 295 في عام 2023. وتمثل الهجمات على البنية التحتية للشحن الآن 6٪ من تلك الحوادث بعد أن كانت 4٪ في عام 2023. حيث تعتمد شبكات الشحن الحديثة على تطبيقات الهاتف المحمول والاتصال بين السيارات وشبكة الشحن، مما يجعلها أهدافاً جذابة للمهاجمين الذين يمكنهم استغلال نقاط الضعف. وهذا ما حدث بالفعل، فقد تمكنت جماعة من المهاجمين تطلق على نفسها اسم "القبعات البيضاء" (White-hat hackers) من اختراق أنظمة العديد من أشهر ماركات السيارات وعملائها لن أذكرها بالاسم حفاظا على سمعتها. وقد أوضح التقرير أن 59٪ من الهجمات الإلكترونية المتعلقة بشبكة شحن السيارات الكهربائية في عام 2024 لديها القدرة على التأثير على الملايين من أجهزة الشحن وتطبيقات الهاتف المحمول والسيارات. وأن الطبيعة المترابطة للبنية التحتية للسيارات الكهربائية تزيد من المخاطر بشكل كبير، لأن ثغرة أمنية واحدة قادرة على إحداث اضطراب واسع النطاق. فقد أسفرت حوالي 75٪ من الهجمات على محطات الشحن في عام 2024 عن انقطاع الخدمة، مما يعني أن الشواحن أصبحت غير صالحة للعمل. 

والسؤال؛ ولماذا يتم استهداف محطات شحن السيارات الكهربائية؟:

يسعى المهاجمون إلى سرقة بيانات العملاء الشخصية والحساسة المخزنة في ملفات العملاء في شركات السيارات وكذلك داخل تطبيقات وشبكات الشحن وفي هذا تهديد مباشر لأمن وسلامة العملاء.

يمكن للمهاجمين إعادة توجيه قائدي السيارات إلى بوابات دفع وهمية لسرقة المعلومات المالية.

قد يتمكن مجرمو الإنترنت من فصل أنظمة الشحن وبالتالي تعطيل التنقل بالسيارات الكهربائية ثم يطالبون بدفع فدية مالية لاستعادة التوصيل.

تزايد الفجوة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة لفقدان الوظائف

مع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث تتركز الوظائف الجديدة في أيدي الفئات القادرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، بينما تتراجع فرص الفئات الأقل تعليماً. وفقاً لمنظمة (OXFAM)، فإن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة العالمية بنسبة 10٪ بحلول عام 2030، مما يزيد من مشاكل الفقر وعدم المساواة. وتتوقع منظمة العمل الدولية أن يفقد 14٪ من القوى العاملة حول العالم وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.

كما تشير تقديرات معهد (Brookings) إلى أن نحو 2.4 مليون وظيفة تصنيع في الولايات المتحدة قد تُستبدل بالآلات الذكية بحلول عام 2030، مع تأثير كبير على عمال خطوط التجميع. وأما في قطاع الخدمات، مثل الصيانة والنقل، يحذر البنك الدولي من أن 50٪ من الوظائف المرتبطة بالقيادة قد تختفي مع انتشار السيارات ذاتية القيادة.

وهنا تظهر المعضلة الرئيسية، إذا كنا نستخدم الذكاء الاصطناعي لزيادة حجم وجودة الإنتاج وفي نفس الوقت يفقد عدد كبير من الموظفين أعمالهم، فكيف يمكن بيع الزيادة في الإنتاج لعملاء بلا عمل؟؟   

والأخطر من ذلك هو أن الدول النامية هي من سوف يدفع الفاتورة الأغلى لأنها إذا لم تتمكن من مجاراة الدول المتقدمة في هذه التكنولوجيا سوف تكون منتجاتها المحلية أقل جودة وأغلى تكلفة وبالتالي تفقد القدرة على المنافسة في الأسواق مما يؤدي إلى كساد اقتصادي لديها ثم بطالة مرتفعة أيضا. والبطالة كما نعلم هي "قنبلة موقوتة" تهدد المجتمعات بشدة لأنها البذرة الأساسية للجرائم والعمليات الإرهابية.

تآكل الخصوصية وانتهاك البيانات الشخصية

مع تزايد اعتماد الحكومات والشركات على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، أصبح الأفراد أكثر عرضة لانتهاك خصوصيتهم. وقد حذرت مؤسسة الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) من أن 70٪ من الأجهزة الذكية تقوم بجمع بيانات المستخدمين دون علمهم، مما يثير مخاوف بشأن كيفية استخدام هذه المعلومات في المستقبل.  

المخاطر الأخلاقية وانعدام الثقة بسبب انتشار الأخبار المزيفة والتلاعب بالمعلومات والعقول

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مزيف، مثل الفيديوهات والصور المزورة، مما يجعل من الصعب التحقق من صحة الأخبار. وفقاً لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد، فإن حوالي 60٪ من المستخدمين لا يستطيعون التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

تأثيرات سلبية على الصحة العقلية

وفقًا لمجلة Social and Clinical Psychology، يرتبط استخدام منصات التواصل المدعومة بالذكاء الاصطناعي بزيادة معدلات القلق والاكتئاب بنسبة 30٪ بين الشباب، بسبب خوارزميات تعزز المحتوى المثير للجدل.

كما أظهرت دراسة في مجلة JAMA Psychiatry أن الاعتماد المُفرط على التكنولوجيا يزيد مشاعر العزلة والقلق، خاصة بين الأجيال الشابة.

هل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق "هدف "المليار الذهبي"؟

يشير مفهوم "المليار الذهبي" إلى نظرية مؤامرة عن أن هناك "نخبة عالمية" تسعى إلى تقليل عدد سكان الأرض إلى مليار شخص فقط من أجل الحفاظ على الموارد وتوفير مستوى معيشة مرتفع للنخبة الغنية. على الرغم من أن هذه النظرية غير مُثبتة حتى الآن، إلا أن هناك مخاوف مشروعة من أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم بطرق قد تؤثر سلباً على النمو السكاني، مثل تقنيات التلاعب في الجينات البشرية، والتحكم في معدل النمو أو السلوك البشري، وحتى استبدال البشر بالروبوتات في قطاعات متعددة، مما يقلل الحاجة إلى القوى العاملة البشرية.

في عام 2022، كشفت دراسة في مجلة Nature Machine Intelligence أن أحد نماذج الذكاء الاصطناعي طوّر عن غير قصد جزيئات سامة شبيهة بغاز الأعصاب (VX) أثناء محاكاة تصميم أحد الأدوية.

احتمال استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أوبئة وأسلحة بيولوجية

أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل هو إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير فيروسات وأوبئة جديدة، مما يثير مخاوف حول الأمن البيولوجي. في عام 2021، نُشرت دراسة في مجلة Nature Machine Intelligence تحذر من أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم لتصميم جزيئات بيولوجية خطيرة يمكن استخدامها كأسلحة.

كما حذرت منظمة الصحة العالمية (WHO) في تقرير عام 2023 من أن التكنولوجيا الحيوية المزدوجة الاستخدام (Dual-Use) قد تُستغل لصنع أسلحة بيولوجية بمساعدة الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير أوبئة تستهدف مجموعات سكانية محددة، كما يمكن استخدامه لتحليل الأنظمة البيولوجية البشرية بطرق قد تتيح تصميم فيروسات اصطناعية مما يزيد من مخاطر الإرهاب البيولوجي. وقد ذهب الكثير من المحللين إلى أن وباء "كورونا" الأخير (COVID – 19) كان أحد النتائج لهذه التكنولوجيا!!

خلاصة القول 

لا شك أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة تكنولوجية هائلة، ولا يُنكر أحد إمكاناته في زيادة الجودة والإنتاج وحل أزمات مثل التغير المناخي أو الكشف المبكر عن الأمراض لكنه يحمل في طياته العديد من المخاطر التي يجب معالجتها بحذر. ولكن شروط نجاحه وإدارة مخاطره تتطلب تعاوناً عالمياً وتنفيذ ضوابط أخلاقية صارمة، واستثمارات في التعليم وإعادة تأهيل العمالة بشكل مستمر، وتعزيز التشريعات التي تحد من الاحتكارات. مثل مقترحات الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي (AI Act)، وزيادة الشفافية في البحوث الحيوية. وبدون ذلك، قد يصبح الذكاء الاصطناعي لعنة تهدد أحلام البشرية بل حتى وجودها على كوكب الأرض.

اخبار جوجل تابعوا صفحتنا على أخبار جوجل

الاخبار المقترحة

الاخبار الرئيسية

مقال رئيس التحرير

الأكثر قراءة