لم يكن يدور بخلد "محمد كرم" صاحب ورشة لصيانة السيارات أسسها بعرق جبينه على مدار سنوات طويلة وهو يوقع وثيقة تأمين على مشروعه الصغير بمبلغ مليون و200 ألف جنيه أن الشركة سوف تتخلى عنه في أول محنة يقع فيها وترفض تماما صرف قيمة وثيقة التأمين لتزيد من عذاب الحريق الذي شب في قلبه حسرة على المشروع الذي التهمته النيران ويظل لمدة عام ورشته مغلقه بعد تسريح 36 عامل كانوا يكتسبون الرزق الحلال.
انقلبت حياة "كرم" رأسا على عقب بعد تلقيه مكالمة تليفونية الساعة 2 صباحا يقول صاحبها "ألحق ورشتك بتتحرق" ليقف أمام النيران يستعيد شريط حياته وكيف أنه بدأ مشواره بعد تخرجه بمؤهل دبلوم صنايع، ولم يكن يمتلك سوى بضع جنيهات في جيبه فسعى للعمل موظف صغير في إحدى الشركات الكبرى.
تعلم صناعة صناديق ثلاجات السيارات مما جعله يتميز عن غيره ويفكر في الحصول علي عمليات لحسابه الخاص، فأصبح كل يوم بعد انتهاء مواقيت عمله بالشركة، يأخذ سيارة زبون ويقوم بتصليحها ودهانها ويقوم أحيانا بعمل صندوق ثلاجات لسيارات نقل بضائع الأغذية.
وبعد توسعه في عمله، لجأ إلى والده الذي اقترض من أصدقائه ليساعد أبنه في فتح ورشة بها فرن لدهان السيارات بقرية القلج مركز الخانكة القليوبية، وبالجد والاجتهاد نجح كرم في التعاون مع كبري الشركات والفوز بعمليات ضخمة لعمل ثلاجات لأسطول النقل الخاص بهم مما شجعه على التوسع في تشغيل عماله وصلت لنحو 36 عامل بيومية 80 جنيه للفرد.
وسجل ورشته وحصل على بطاقة ضريبة وسجل تجاري ليدخل في منظومة الاقتصاد الرسمي رافضا خداع الدولة بدفاتر حسابات وهمية أو التهرب من التزاماته تجاه بلده وبالفعل "لعبت البلية" علي حد قوله واشتري قطعة أرض.
في يوم من الأيام استجاب لنصيحة صديق بالتأمين علي مشروعه الصغير ودفع قسط التامين مبلغ 12 ألف جنيه علي دفعتين وحصل علي وثيقة التأمين من شركة "قناة السويس للتأمين" التي غابت عن موظفيها الابتسامة وانقلب إلى سوء معاملة كادت تصل للطرد بعد علمهم أن ورشته احترقت حتى أن كرم دمعت عيناه وقال لي "لو كنت رايح أشحت كانوا عاملوني أحسن من كده".
رحلة العذاب في الحصول علي التعويض والمساومة على تخفيض المبلغ ومحاولة إعطاؤه 60 أو 100 ألف جنيه بدلا من مليون و200 ألف جنيه، جعلت كرم يحاول التمسك بحقه مستغيثا بالرقابة المالية التي تقدم إليها بالشكوى منذ أيام بعد نفاذ صبره على مدى عام مع شركة التأمين.
وقال في شكواه إنه توجه لموظف شركة قناة السويس للتأمين أيمن حنفي مدير التعويضات، الذي رفض صرف قيمة وثيقة التأمين وترك موظفيه وسكرتيره في محاولة بائسة لمساومة كرم على تخفيض المبلغ رغم أنه بحوزته جميع المستندات التي تثبت حقه من محضر الشرطة وتقرير النيابة وبوليصة التأمين وإيصالات دفع قسط التأمين.
وفي نهاية المطاف قال مدير التعويضات "لو سمحت لا تكلمني مرة أخرى في التليفون.
كرم يستغيث برئيس الشركة محمد عبدالله في حالة عدم علمه بممارسات موظفيه بضرورة مراجعة وثيقة التأمين رقم 110013008859 والتي أبرمت خلال الفترة من 12 أكتوبر 2014 وحتى يوم 12 أكتوبر من العام الحالي 2015 علما بأن الحريق نشب في شهر نوفمبر2014.
كما يستغيث برئيس هيئة الرقابة المالية شريف سامي لسرعة صرف التعويض بعد أن خسر كل ما يملك وباعت زوجته الذهب التي تمتلكه واضطر إلى نقل أولاده رقية 9 سنوات، وأحمد 5 سنوات وفريدة 3 سنوات من مدارس اللغات إلى مدارس حكومية وأصيب بمرض السكر، لينهي قصته بأنه لا يعرف نائبًا بالبرلمان الجديد، أو وزير حتى يتوسط له ولا يلجأ إلا لله عز وجل للحصول على حقه.