Close ad
تحديات صادمة لصناعة السيارات الكهربائية

.

دكتور مهندس: سمير على, 7 اكتوبر 2024


استعرضنا مع حضراتكم في مقال سابق تم نشره في نفس الموقع بتاريخ 31 مارس من هذا العام أن مبيعات السيارات الكهربائية تشهد تباطؤا ملحوظا، وذكرنا أهم التحديات خلف هذا التباطؤ مما أرغم شركات السيارات الرائدة عالميا تتخلى عن هدفها بالتحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل بحلول عام 2030، والدخول في تحالفات لخفض تكاليف البحث عن بدائل أكثر فعالية وأماناً. وعند إلقاء نظرة سريعة ومختصرة على أحدث تقارير الأداء لكبرى الشركات المصنعة للسيارات طبقا لما جاء في تقرير موقع (CTIF Org) يمكن ملاحظة هذا الهبوط وآثاره على خطط هذه الشركات بشكل ملحوظ.

فقد خفضت شركة تويوتا اليابانية خطط إنتاج السيارات الكهربائية لعام 2026 بمقدار الثلث، استجابة لتباطؤ مبيعاتها. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج تويوتا من السيارات الكهربائية من 1.5 مليون سيارة مخطط لها في عام 2026 إلى مليون سيارة فقط.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، تخلت شركة فولفو السويدية عن هدفها بالتحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل بحلول عام 2030، وتتوقع أن تقدم بعض النماذج الهجينة في مجموعتها.

وفي الولايات المتحدة، قامت عدة شركات ومنها فورد وجنرال موتورز بتأجيل أو إلغاء إنتاج نماذج كهربائية جديدة.

وكشفت أرباح تسلا الفصلية عن انخفاض بنسبة 9% في إيرادات الربع الأول من عام 2024، وهو أكبر انخفاض للشركة منذ عام 2012، مما فاجأ حتى أكثر المحللين تشاؤما.

وشهدت مبيعات السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية انخفاضا حادا بنسبة 45% في عام 2024، مما أثار مخاوف من عودة محركات الاحتراق الداخلي والسيارات الهجينة والهيدروجينية إلى الواجهة.

وفي إشارة أخرى إلى هذا التباطؤ، أعلنت مرسيدس بنز الألمانية في فبراير الماضي أنها لن تحقق هدفها لعام 2025 بأن تشكل السيارات الكهربائية والهجينة 50٪ من إجمالي مبيعاتها.

ووفقا لصحيفة(The Chosen Daily)، أظهرت بيانات المبيعات من يناير إلى أغسطس من هذا العام تباطؤاً كبيراً في الطلب على السيارات الكهربائية.ولذلك فمن المتوقع أن يظل الوقود الأحفوري هو الوقود الرئيسي للمحركات لفترة أطول مما كان مخطط له، حتى بعد عام 2030.

التحدي الصادم الجديد: إمكانية القرصنة عن بعد وتهديدات الأمن السيبراني

يعتقد كثيرون أن السيارات الكهربائية أكثر أماناًعن مثيلاتها ذات محركات الاحتراق الداخلي لأنها لا تحتوي على البنزين، إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ لأن جميع السيارات الكهربائية الموجودة حالياً في الأسواق تستخدم مجموعات كبيرة من بطاريات الليثيوم أيون التي تميل إلى اشتعال النيران فيها وتنفجر أحياناً.

ومع ذلك، لا تزال المشاكل المتعلقة بالسيارات الكهربائية سبباً خطيراً يدعو للقلقخاصة عند تعرضها لحادث. وإحدى أكبر المشاكل التي تواجه السيارات الكهربائية هي مخاطر حدوث مشكلات في البطارية.

وقد تحول هذا القلق إلى حقيقة واقعة عندما ظهر منذ أيام قليلة أحد أسوء الكوابيس بالنسبة لصناعة السيارات بعدما حدثت الهجمات الإرهابية والقرصنة في "لبنان" من خلال تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية (Badgers) و(Woke Toki) عن بعد مما تسبب في قتل وإصابة ألاف الضحايا على الرغم من أن وزن البطارية في هذه الأجهزة لا يتعدى بعض الجرامات القليلة وهو ما أثار أحد أهم التهديدات الأمنية أمام صناعة السيارات بصفة عامة والكهربائية بصفة خاصة.

إمكانية استخدام السيارات الكهربائية كأسلحة

إذا كانت "البادجرز" وأجهزة "ووكي توكي" قد تم تفجيرها أو اختراقها عن بُعد ببطارية لا يتعدى وزنها بضع جرامات قليلة وأحدثت هذا التأثير القاتل، فهذا يشير إلى وجود ثغرة أمنية خطيرة في تلك الأنظمة. فماذا نتوقع إذا تم استخدام نفس الوسيلة الإرهابية في السيارات الكهربائية الحديثة التي تعتمدبشكل كبير على البرمجيات والاتصال، بما في ذلك الأنظمة الخاصة مثل:

• نظام إدارة البطارية (BMS).

• نظام الملاحة وGPS.

• لتحديثات الدورية لبرامج تشغيل أنظمة السيارة عبر الإنترنت.

• أنظمة القيادة الذاتية (في بعض السيارات الكهربائية).

إذا كانت هذه الأنظمة عرضة للاختراق أو التلاعب، فإن احتمالية التصرفات الخبيثة، مثل التسبب في الحوادث أو تفعيل الأعطال، ستكون كارثية. إن مجرد فكرة أن يتم التلاعب ببرامج تشغيل السيارات الكهربائية عن بُعد، مما يؤدي إلى انفجارها أو فقدان السيطرة على السيارة، تصبح مصدر قلق كبير للأمن السيبراني بطرق عديدة ومنها:

التلاعب في الأنظمة الرئيسية للسيارة:


ونظرًا لأن السيارات الكهربائية تحتوي على بطاريات ذات أحجام وأوزان كبيرة تتعدى أحيانا 400 كجم وذات طاقة عالية، فهي عرضة بشكل خاص "للسخونة المفرطة" و"الهروب الحراري" (Heat Running)، مما قد يؤدي إلى حرائق أو انفجارات. وإذا تمكن المخترق من تفعيل مثل هذه الوظائف عن بُعد، يمكن تحويل السيارة الكهربائية إلى خطر قاتل من خلال:

•  زيادة حد الشحن الزائد للبطارية: من خلال الوصول إلى نظام إدارة البطارية والتلاعب به، يمكن التسبب في شحن زائد أو إتلاف البطارية، مما يؤدي إلى حريق أو انفجار.

•  تعطيل عوامل الأمان في السيارة: تأتي العديد من السيارات الكهربائية مع عوامل أمان متقدمة، مثل الكبح (الفرملة) التلقائي في حالات الطوارئ، ونظام التحكم في الثبات على الطريق. ويمكن للهجوم الإلكتروني تعطيل هذه الأنظمة، مما يجعل القيادة غير آمنة.

التخريب المحتمل في سلسلة التوريد والمكونات:

إذا كانت "البادجرز" وأجهزة "ووكي توكي" مرتبطة بسلسلة توريد أو تصنيع في أماكن عديدة، فقد يكون هناك خطر مشابه على مكونات السيارات الكهربائية. حيث تعتمد العديد من السيارات الكهربائية على قطع غيار وتقنيات من مصادر عديدة على مستوى العالم. فإذا تمكن المخترقون من الوصول إلى أنظمة الموردين أو الشركات المصنعة للبطاريات أو أنظمة الشحن أو المكونات البرمجية الرئيسية، يمكنهم إدخال ثغرات أمنية إليها من خلال التلاعب بالبرمجيات التي تشغل السيارات الكهربائية تسمح بالوصول إليها والتحكم بها عن بُعد لاحقاً، أو تفعيل آليات فشل هذه الأنظمة.

مخاطر البنية التحتية للسيارات الكهربائية:

يمكن أيضًا أن تكون محطات الشحن العامة والشبكات المتصلة بالإنترنت هدفاً للهجمات الإلكترونية. إذا تمكن المُخترق من التحكم في البنية التحتية للشحن العامة أو الخاصة، يمكنه زيادة شحن البطاريات في السيارات الذي يتسبب في رفع درجة حرارة البطارية وانفجارها، أو تعطيل الشحن، أو إتلاف الشبكة نفسها.

ماهي خطورة اشتعال أوانفجار البطارية؟

رغم أن السيارات الكهربائية توفر الكثير من المزايا، إلا أنها تحمل أيضاً مخاطر كبيرة.فعلى سبيل المثال، تعمل الغالبية العظمى من السيارات الكهربائية على بطاريات الليثيوم أيون، وتشبه هذه البطاريات الموجودة في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. وتكمن مشكلة بطاريات الليثيوم أيون في أنها تخزن قدراً كبيراً من الطاقة في مساحة صغيرة. وعند اشتعال هذا النوع من البطاريات فإنها تنفجر، وكلما زاد حجم البطارية الموجودة في السيارة الكهربائية، كان الانفجار أكبر. لذلك تقوم الشركات بتدوير سائل التبريد في جميع أنحاء حزمة البطارية للحفاظ على درجة الحرارة منخفضة قدر الإمكان.

ورغم أن الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية ستجادل بأن جميع أنواع السيارات تحمل خطر الحريق، إلا أن هذا الخطر يزداد بشكل كبير بسبب استخدام السيارات الكهربائية لبطاريات الليثيوم أيون.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لدى العديد من صانعي السيارات الكهربائية أنظمة أمان مدمجة في جميع أنحاء السيارة، التي من شأنها إيقاف تشغيل البطارية عندما يتجاوز الجهد حداً معيناً بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركات بتقسيم البطاريات إلى مجموعات، بدلاً من حزمة واحدة كبيرة، وفصلها عن بعضها البعض بواسطة علب فولاذية لمنع انتشار الحريق عبر حزمة البطاريات بأكملها. ومع ذلك، إذا كانت أنظمة الأمان هذه تشكو من خلل ما، فمن الممكن أن تشتعل النيران في السيارة الكهربائية عند الاصطدام.

وهناك مشكلة أكثر خطورة، وهي أن هذه البطاريات لا تحتاج إلى الأكسجين لتحترق،ولذلك فإن وسائل مكافحة الحرائق التقليدية، مثل طفايات وبطانيات الحريق والرغوة، التي تعمل على إطفاء النيران بعزلها عن الأكسجين، لكن هذه الأساليب لن تنجح عندما تشتعل بطاريات السيارات الكهربائية.

وغالباً ما يصعب الوصول إلى بطاريات السيارات الكهربائية إذا كانت هي مصدر الحريق. ويمكن أن تؤدي حرائق السيارات الكهربائية إلى ظهور ألسنة نفاثة وانفجارات وسُحب بخارية تحتوي على مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية السامة تطلقها في الهواء وهذا تحدي خطير للصحة والبيئة. والأخطر من ذلك هو إذا اشتعلت النيران في السيارات الكهربائية، فغالباً ما يكون إخمادها أكثر صعوبة. ووفقًا للتقارير الدولية لخدمات الإطفاء والإنقاذ، يحتاج رجال الإطفاء إلى استخدام ما يصل إلى 40 مرة أكثر من المياه لإخماد حريق في السيارة الكهربائية مقارنة بسيارة البنزين المماثلة، أي حوالي 150 ألف لتر من المياه في المتوسط.

ولذلك ذكرت وكالة الأنباء الكورية (يونهاب) أن حكومة كوريا الجنوبية ستدفع باتجاه منع دخول السيارات الكهربائية التي تزيد نسبة شحنها عن 90% إلى مواقف السيارات تحت الأرض، كجزء من إجراءات منع حرائق السيارات الكهربائية. كما قامت إنجلترا بزيادة المساحات الفارغة في أماكن الانتظار حول السيارات الكهربائية لخفض الخسائر عند الحريق.

خطوات عاجلة لمعالجة هذا التحدي:

يجب على الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية والجهات التنظيمية اتخاذ خطوات فورية لطمأنه المستهلكين بأن هذه التهديدات سيتم التصدي لها بطرق فعالة ونشطة. وحتى يتم اكتشاف أي ثغرات أمنية مشابهة لما حدث في أجهزة (البادجرز) وأجهزة (ووكي توكي)، لابد أن تفرض الحكومات والشركات المُصنعة بروتوكولات أمنية أكثر صرامة منها على سبيل المثال:

• عمليات تدقيق إلزامية للأمن السيبراني لجميع البرمجيات وأجهزة التحكم المستخدمة في السيارات الكهربائية.

• بروتوكولات اتصال مشفرة لمنع الوصول غير المصرح به لبرامج أنظمة السيارة.

• زيادة التعاون بين صانعي السيارات والشركات المتخصصة في الأمن السيبراني لمراقبة الأنظمة وحمايتها باستمرار من الاختراقات المحتملة.

• تكثيف البحث العلمي للوصول إلى أنظمة إطفاء فعالة وسريعة لبطاريات السيارات الكهربائية.

ولمنع هذه الأنواع من المخاطر أو على الأقل التخفيف من أثارها السلبية، فلابد من اتخاذ عدة إجراءات ومنها:

• التشفير المتقدم: ضمان أن تكون جميع الاتصالات بين السيارات والشركات المصنعة ووكلائها مشفرة وآمنة عند تحديث البرامج.

• مراقبة التهديدات في الوقت المناسب: إنشاء أنظمة مراقبة لرصد أي نشاط مشبوه أو قرصنة في السيارات الكهربائية والبنية التحتية المرتبطة بها.

• التحديثات الدورية لبرامج التشغيل: التأكد من أن تحديث برامج تشغيل وحدات التحكم في السيارات الكهربائية لمعالجة أي ثغرات أمنية مُحتملة.

• تصميم وحدات تحكم آمنة: تقاوم التلاعب فيها أو الوصول إليها عن بُعد.

الخلاصة

إن عملية تفجير "البادجرز" و"أجهزة ووكي توكي" عن بُعد، قد أشار إلى وجود خطر اختراقللتقنيات الحديثة في السيارات الكهربائية. وإذا حدثت بضع حوادث خطيرة تتعلق بتفجيرات أو تحكم عن بُعد في السيارات الكهربائية، فإن الثقة العامة في هذه السيارات ستتعرض لضربة كبيرة يصعب استيعاب عواقبها في المستقبل القريب، سواء من حيث السلامة البشرية أو الثقة العامة في تكنولوجيا السيارات الكهربائية. وسيتعين على صناع السيارات الكهربائية استثمار الكثير في الإجراءات الأمنية السيبرانية لمنع استغلال مثل هذه الثغرات وبالتالي إيقاف المزيد من الانهيار في هذه الصناعة.وهذا بالإضافة إلى ابتكار أنظمة إطفاء فعالة وسريعة لحرائق البطاريات.

وحتى تصل الشركات إلى حلول فعالة للتغلب على هذا التحدي الجديد، سيكون من غير المناسب تماما استخدام السيارات الكهربائية مع الشخصيات الهامة والقيادات السياسية أو لدى الهيئات والأجهزة السيادية والحساسة نظرا لأن خطورة سوء استخدامها مازالت قائمة وبقوة.

اخبار جوجل تابعوا صفحتنا على أخبار جوجل

الاخبار المقترحة

الاخبار الرئيسية

مقال رئيس التحرير

الأكثر قراءة