بحكم خبراتي في مجال إعادة الهيكلية، أجد أن بدء الحكومة في دراسة التحويل بمنظومة الدعم من النظام العيني إلى النقدي، أمر جيد يصب في مصلحة الحكومة والمواطن معًا؛ نظرًا لجعل الدعم رقمًا ظاهرًا لعدد معروف من المواطنين، مع توفير ملايين الجنيهات ستصب بشكل مباشر في جيب المواطن، بدلًا من اقتطاعها من رصيد الدعم العيني في صورة "نقل وتعبئة وتغليف وتخزين وتبخير" فضلًا عن الابتعاد بالحكومة عن شبهة الفساد والسمسرة، وفرض سلع رديئة على المواطن.
وأتوقع وقد شاركت في إعادة هيكلة العشرات من الكيانات الاقتصادية العالمية، أن تلجأ الحكومة إلى الدعم النقدي خلال فترة قريبة، في ظل ما ستحققه من شفافية أمام الجهات الدولية المانحة، لاسيما أن الدعم النقدي كان إحدى النقاط الذي أثارها صندوق النقد الدولي خلال المحادثات مع مصر في أكثر من مناسبة.
تحريك سعر الخبز كان متوقعا، لاسيما أنه لم يتم تحريكه منذ أكثر من 30 عاما، غير أنه بات يمثل حملا ثقيلا على ميزانية الدولة، ورغم أن كل الحكومات التي توالت على مصر خلال السنوات الماضية كانت تتلاشى الاقتراب منه، إلا أن تحريكه كان ضروريا في ظل استهلاكه لنحو 130 مليار جنيه سنويا من رصيد ميزانية الدولة المصرية.
ولا أعتقد أنه من الإنصاف أن تتحمل الدولة 125 قرشًا عن كل رغيف يتم تسليمه للمواطن بسعر 5 قروش، في الوقت الذي تؤكد فيه إحصاءات وزارة التموين المصرية، إنتاج ما بين 250 و270 مليون رغيف يوميًا، في ظل ارتفاع الدين الداخلي والخارجي للبلاد، والأعباء الثقيلة المُلقاة على كاهل الحكومة، والارتفاعات غير الطبيعية في معدلات التضخم العالمية، والتوترات السياسية والعسكرية التي تحيط بمصر من الجهات كافة.