أخذت أقول لنفس وأكرر عبارة "امش عدل يحتار سائق العربة بجانبك فيك".
وخرجت للطريق وتنازلت عربيتى وسمحت لى بالتعامل معها بعد غيبة ومحاولة اعتزال القيادة على الأقل فى الطرق السريعة، التى إن أخطأت فيها أو غفلت أصابتك كارثة، والعياذ بالله، الحادثة التى ليس لها فرارا من إعاقة أو موت محقق.
لكن ما طمأن قلبى أن الرادارات تعمل بشكل يقظ ومستمر لا تغفل ولا تنام.
ربطت الحزام وقرأت دعاء الركوب واطمأننت على الفرامل وحسنا ما فعلت، وبدأت الرحلة.
وبغض النظر أنى أكاد أكون الوحيدة ومعى قلة ملتزمين بالسرعات المقررة.
وبغض النظر أن عدد طريف من قادة التوك توك تسير وسط الطريق وتتمايل بين الحارات وكأنها ناموسة تلدع هنا وهناك.
وبغض النظر أننى أصبحت أتعاطف مع جمال الطريق ونظافته ووضوح خطوطه البيضاء، بل وأحسد ركابه ومريدينه عليه.
وبغض النظر عن شعورى أننى سائق درجة أولى فى أجمل العواصم العالمية، وبغض النظر عن كل هذا، إلا أننى فوجئت بكشافات كنت أظنها خلفية لعربة "دبابية"
الهيكل تعود للخلف وبسرعة منتظمة ثابتة غير مهزوزة ولا مترددة. نعود تعود للخلف أو هكذا ظننت، إلا أننى اقتربت وإذا بى فى مواجهتها "بوز فى بوز" لم تكن
كشافات خلفية لعربة بولدوزر، لكنها وبكل فخر وثبات كشافات أمامية صاحبها يسير بسرعة عادية جدا عكس الطريق!
وقد رأى أنه يكفيه أنه "بيقلب" لى الكشافات ليحذرنى أنه قادم عكس الطريق!
ولأننى دائما أفترض مع الأسف سوء الظن فى الآخر حتى يثبت العكس، خصوصا فى مجال قيادة السيارات، فقد ابتعدت فى فمتو من الثانية عن الاصطدام بها بعد أن سمعت سيلا منهمرا من السباب فى شخصى الكريم، وفى سلسال شجرة العائلة منذ أن كانت "شتلة صغيرة".
لم يمنعنى انعدام فضولى من السؤال عن هذا الأسلوب من السير عكس الاتجاه، وبالفعل جاءت لى الإجابة أنهم يختصرون الطريق ويسيرون هكذا لتفادى ضياع الوقت!