بنت بلد اسكندرانية تولّت مهمة الأسرة بعد وفاة زوجها الصياد على باب الله تاركا لها ولدين وبنت ؛ سعيد ومحمود وفاطمة .. كانت تدبّر المعيشة، تنتظره مع نهاية الرحلة صباحا أو مساء يأتي برزقه من البحر – قلّ أم كثر- قد يطول غيابه في البحر الى اليوم التالي حيما تكون "السنّارة" عصيّة والشبكة لا تطاوعه .. كان يصطحب أبنائه صغارا في رحلة الصيد ، انضمّت اليهم أم سعيد بعد أن داهم المرض عائلهم ، وأصبحت المركب هي منزل الأسرة حيث يعيشون معظم ساعات اليوم على متنها في رحلة الرزق ، وبدأت الأم في استيعاب كل مستلزمات ومتطلبات الرحلة حتى يعودوا سالمين يحملون رزق اليوم بين أيديهم .. لتتولى أم سعيد دفّة القيادة بعد رحيل رب الأسرة الذي لم يترك لهم سوى المركب وعربة كارو كانت تتولى مهمة توزيع وبيع السمك .. أولادها كانوا بتناوبون اصطحابها في كل رحلة ، من يقوم بالتجهيزات ومن يصطاد ومن يستلم رزق اليوم .
تمر السنوات ، وتأخذ أم سعيد مكانتها بين الصيادين بعد أن أصبحوا يلجأون إليها في حل مشاكلهم بذكائها المتّقد وحكمتها لتصبح الريّسة أم سعيد أما لكل الصيادين ، وتفتح لها أبواب الرزق لتتحول المركب التي يحركها المجدافين الى "لنش" يحركه الموتور ، زادت معه الحركة وزاد الرزق لتتحول عربة الكارو التي كانت تذهب الى حلقة السمك الى سيارة ثلاجة صغيرة تجوب مناطق الاسكندرية يوميا بين المطاعم ومراكز البيع ، وأصبح يعرفها كل رجال المرور بمواعيدها المنتظمة بين الإشارات تسير على نغمات البمبوطية وأغاني شط اسكندرية .