"فينك يا مصلحة فى ناس وحشتنا"
شوف مصلحتك يا خويا.
شوف مصلحتك يا بويا.
شوف مصلحتك يامه.
وهكذا ظل سواقنا الضاحك الساخر يملأ مقاعد ميكروباصه حسب المصلحة.
حتى جاء عندى ويبدو أنه احتار فى أمرى.. ورغم صغر سنه، فهو بكيتره فى بداية العشرينيات.. وقال:
فين مصلحتك يا قمر؟
تلفت حولى وكتمت الضحكة وسألته مين القمر دى يا باشا أنت يا ماما.. وهنا تأكدت أنه بيدلعنى لأننى قد أكون شبه أمه!
تقصد مشوارى فين.. سألته.
فأجاب وهو يأخذ أجرته حسب المصلحة.
صح يا باشا.. كل واحد رايح مشوار فيه مصلحة.. خلاص ما بقاش فيه حد بيروح لحد من غير سبوبة وهوه حضرتك ماشفتيش المثل اللى مكتوب على ظهر السفينة! سفينة!! ضحك الركاب وقالوا لى يقصد الميكروباص.. فكلمة السفينة هذه «سيم» جديد بينهم.. سائقى ومالكى الميكروباصات! لا ما شفتش.. فقال:«فينك يا مصلحة؟ فى ناس وحشتنا».
بمعنى؟
ضحك وقال بسلامتك إعلامية.
أصل كلمة بمعنى هذه لا يقولها إلا الجماعة إياهم ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.. اللى بيسموهم «إعلاميين».
ومثل جوبلز وزير ثقافة هتلر النازى عندما قال:«كلما سمعت كلمة الثقافة.. تحسست مسدسى».. فقمت أنا مثله، ولكننى تحسست وقلمى وأحكمت نضارتى ونفيت عن نفسى الصفة الإعلامية التى أصبحت تلك الأيام مع الأسف تهمة! بعدما دخل فيها الحابل والنابل.
وقلت لا أنا طبيبة.. مش إعلامية واستغفرت ربى والضرورات تبيح فن المحظورات وآهى كذبة بيضا وآهو مجموع الثانوية العامة كان يدخلنى طب، لكن المشكلة أنى كنت أدبى.
يا ست الحكيمة.. رد علىَّ:
دلوقتى ما بقاش فينا لا مؤاخذة البشر خير.
ما تلقيش واحد رايح مشوار إلا عنده فيه مصلحة.
حتى ولو كان رايح يزور أمه ولا أبوه فى قبرهما فهو رايح «يفض» دماغه فى «التراب» يقصد المقابر، ويبكى على أمه ولا أبوه البعيد ويطلب السماح والغفران لأنه طلع لا مؤاخذة عينهم لغاية ما ماتوا من الفرسة!
وضعت لسانى فى مكانه الطبيعى وسكتت.
فعلا هذا هو حال الدنيا الآن.. فينك يا مصلحة فى ناس وحشتنا، فأنا لن اذهب لأحد حتى ولو واحشنى إلا إذا كان هناك لى عنده مصلحة!
نظرت حولى.. وتصادمت النظرات فى الميكروباص، ثم أطرقنا فى أرضية السفينة وكل واحد فينا شايل مصلحته ورايح.