لو فعلا تريدين الكتابة عن إمبراطورية العشوائيات الميكروباصية والتوك توكية والنص «ناقلية» بالتقلية اذهبى إلى الطالبية.
قالها فى تحدى زميلى وصديقى «أنس» المتابع لى فى رحلاتى الميكروباصية والذى اعتبر أن حكايتى مع الميكروباص فوق الكبارى وتحتها، ومن الجيزة للكيت كات.. ومن بولاق للزمالك.. ومن باب اللوق للشرابية.. وشغل الفرافير اللى إنتى بتكتبى عنه ده، ونظام إنك فى مهام انتحارية.. وكأنك جيفارا مغامرات ثورية.. فى الطرق والشوارع والأحياء والحوارى والأزقة.. كل هذا رفاهية، لكن قواتك ورغباتك الانتحارية حقيقة والتحدى الأكبر يا هانم يكون فى ذهابك للطالبية.
وأين تقع الطالبية؟
فى الهرم؟
عادى جدا ده شىء سهل.. ياما ذهبت للهرم.. فين بقه من الهرم الأكبر؟ هكذا سألته على سبيل الفكاهة؟ هىء هىء، لكنه كعادته كشر وقال: فعلا تستطيعى الوصول له من شارع خفرع! ها ها ها.. أو اللى كان اسمه خفرع وأصبح الآن شارع خاتم المرسلين!
نعم؟ من خفرع لخاتم المرسلين؟ قلت نعم؟ على سبيل الاستنكار، لكنه قال.. نعم على سبيل التأكيد والتوكيد.. والكيد! بعد أن رآنى انفرست فأراد أن يفرسنى أكثر.. ذهبت بكل ثقة بعربة فارهة فولفو على سبيل التحدى وكأننى ذاهبة إلى معركة فى أحراش فيتنام بدبابة صحراوية! بالطول بالعرض وصلت إلى شارع خفرع الذى أصبح بقدره سكان المنطقة إلى شارع خاتم المرسلين!!
وجدتها.. عرفت الشارع لقد أخذ منى سنوات، حيث كنت أدرس تذوق فنى فى الأكاديمية أيام سمير سرحان.. وأقابل فى حوارات صحفية من قبله العملاق رشاد رشدى رحمهما الله فى حوارات صحفية!
أنه شارع الأكاديمية «خفرع» لا يمكن أن أنساه! سرت هناك خطوة.. خطوة.. اتلمس النجاة من فضلك ممكن تقول لى: أين يقع شارع خفرع.. خفرع ده هرم هناك يا أختى.. عند الأهرامات والصنم الأكبر أبو الهول ده شارع خاتم المرسلين.. قلت له قول.. يا أختاااه بدلا من يا أختى! علقت وهربت من أمامه.
يبدو أن هناك تصوير فيلم عربى أبيض وأسود نظام وااسلاماه بعد أن تحول المكان كله والشارع إلى نموذج شارع فى استوديو، وعرفت أننى على الطريق.. عند أول محطة سألت.. ودى محطة إيه يا أخى؟ بمنتهى الثقة قال:«دى محطة كنيسة خاتم المرسلين»!!
وعرفت بعد الرد معنى العبث والحول.. «حول» العينين وأحيانا «الطرش» سلكت أذناى وأنا أكتم الضحكة.. هذا فعلا شعب غريب، ثم سألت مواطنة مصريه.. دى محطة إيه؟ فردت دى محطة كنيسة خاتم المرسلين! فى هذه اللحظة فهمت لماذا تحدانى زميلى الصديق «أنس» خاصة بعدما ابحرت عربتى فى خضم أمواج عشوائية حتى وصلت إلى نهاية هذا الشارع الذى كان.. ثم مع مفارقات المكان والزمان والألقاب.. والكيان والمواطنة المصرية التى رأت أنه طالما بنى جامع باسم «خاتم المرسلين» أمام الكنيسة فليتحول الشارع من خفرع إلى شارع خاتم المرسلين بالعرف وبدون إذن المحافظات ولا الحى الذى بالتأكيد غاب عن الوجود سنوات وسنوات، نقول أكثر من ٣٠ سنة، حينما كنت احضر للدراسة! بل ويتحول مع الشارع اسم الكنيسة أيا كان إلى كنيسة خاتم المرسلين!! ويتفق على هذا اللقب فى وحدة وطنية غريبة المسيحى قبل المسلم.. نعم؟؟ كررتها متسألة.. مستنكرة وأنا على أبواب الطالبية.. وادخلوها بسلام إذا أردتم..! لكن بدون عربية!! وإلى لقاء قادم.