لا أظن أننى يمكن بعد ما رأيته الوفاء بوعدى بالاستمرار فى ركوب الميكروباص!
ممكن نجرب التوك توك على الأقل فيه تهوية! بدون شبابيك ولا أبواب وحلو جدا السقف الووتربرووف.
ما علينا.. الساعة كانت متأخرة والقلب كان تعبان ولم أجد أنسب من هذا وقتا للخروج وكسر حدة ضغط العمل والمناقشات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمهلبية وطريقة عمل الديمقراطية بالبغاشة بعد التقلية!!
وهكذا تداخلت كل المصطلحات فى عقلى وأنا أحاول الفرار وعند أول ميكروباص بيقول «بولاق بولاق» ركبت من أمام مستشفى الولادة!!
إيه ده؟ ما هذا؟ ده ميكروباص ولا صالة أفراح؟ نقول «كباريه»! من بتوع زمان لا ودرجة ثالثة كمان.. الكهارب داخل الميكروباص ألوان كأننا فى نصبة فرح.. إشى لمبة حمراء وإشى صفراء وكمان زرقاء وبمبى مسخسخ مع خضراء.
الغريب إننى كنت أول مدعوة أقصد راكبة فى الكباريه أقصد فى الميكروباص!!! ولكن أتأكد من أننى لست فى المكان الخطأ، سألت قائد الميكروباصس يا ريس يا ريس مش ده «ميكرو» من فضلك أيوه يا باشا! وإيه حكاية الديكور اللى أنت عامله ده!
أصله عقبال عندك ميكروباص أفراح! عندنا حفلة فرح لا مؤاخذة أوكيه.. مبروك.. أنا آسفة أنا نازلة هنا.. وإذا بالرجل يحلف بأيما نات والطلاقات ما أنا نازلة وإننى مدعوة وبدون أجرة والفرح فرحنا وهييييه!!!
الله طول عمرى نفسى أحضر فرح شعبى.. لكننى لم أتصور أننى سوف أحضره فى ميكروباص ويا فرحة وتمت.. وسليمة الحمد لله.. فجأة بدأ المدعوين أقصد الركاب يتوافدوا الستات على العيال ورا معايا أو بمعنى أصح فوقى وخلى حمادة يلعب، وشخشيخة للواد مدحت والرجال بالطبلة والمزمار فى الأمام، أما الراقصة فهى بلا فخر.. انصهرت ثم انفجرت ليركب عفريتها وسط كل من فى الميكروباص، وتيت وتات وطبعا الأغانى دى مش غريبة علىَّ سمعتها على لسان أوكا وأورتيجا من سنوات فى فرح ممرضة صديقتى د. حورية غزال وكانا لسه طالعين فى المقدر جديد! والآن سبحان العاطى واللهم لا قر ومازلت بسمعها فى قنواتنا المزيكاتية الفضائية حتى لحست أى أثر لأى حس موسيقى عندى.
أننى مش بتصقف ليه يا ختى؟ ده الكيف مناوله يا حموأة! تسألت ردا على المعلمة المسيطرة على وسط «الماكروباص».. «كيف إيه» اللى الست بتقول عليه وإذا بى أجد أكواب عصير الشعير الأصفر تتداول بديلا عن الشربات الأحمر! وبأسلوب ولاد البلد اتفضلى يا باشا الشربات! علىَّ الطلاق لازم تشربى، وإذا بى اتقمص شخصية بكيزة هانم.. وأنا أرد عليه:«تطلق ولا تتجوزه مش مشكلتى.. أنا مشكلتى أنى بحب الشربات الأحمر!!
وى ى ى وادلع واجرى يا رمان وتعالى على حجرى يا رمان.. أغنية جديدة قديمة.. الكلام هوه هوه لكن المزيكا حاجة تانية خالص! ممكن أعرف مين اللى بيغنى يا معلمة، سألتها وأنا أساعدها على ربط حزام الرقص حول قطر وسطها الذى يشبه قطر الكرة الأرضية!!! وإذا بالإجابة تأتى متأخرة شوية.. وهى تميل يميينا ويسارا ومعها سائق «الميكرو» ده عنبة وبطيخة.. أسطوات فى الدوكو، لكن صوتهم حيانى ولا أجدعها صباتة بلح.. يا زغلولة.
مين الزغلولة؟ سألتها وأنا أحاول التخلص من كم العيال الذين أخذوا يتفافرون على حجرى وكأننى جزء من مسرح ماكروباص الفرح، ووى زغرودة حلوة رنت ليوقف مهرجان السعادة أمين شرطة.. بهدوء سأله: رخصك! وووى بس هنا سكتت شهر زاد عن الفرح المباح وانتقلنا كلنا بشلة المعلم إلى فرح آخر فى «ماكروباص» آخر.. وبالنسبة لى كان ماكروباص الحكومة أكثر هدوءا وشعورا بالأمان..وتذكرت قصة «إحنا بتوع الأتوبيس» وكيف على الإثبات أنى برئيه يا بيه.. وأنى مجرد راكبة مثلى مثل غلابة الأتوبيس!